(٥/١١)
---
أعينهم من الدمع معفرة وجوههم في التراب فقال لهم:
ما منعكم أن تشهدوا الذبح لآلهتنا التي تعبد في الأرض وتجعلوا أنفسكم بأسوة سراة أهل مدينتكم؟ اختاروا إمّا إن تذبحوا لآلهتنا وإمّا أن أقتلكم فقال له كبيرهم: واسمه مكسلمينا إنّ لنا إلهاً ملء السموات والأرض عظمته لن ندعو من دونه إلهاً أبداً له الحمد والتكبير والتسبيح من أنفسنا خالصاً ابداً إياه نعبد وإياه نسأل النجاة والخير، وأمّا الطواغيت فلن نعبدها أبداً، اصنع ما بدا لك وقال أصحابه مثل ما قال، فلما قالوا ذلك أمر الملك بنزع لباسهم، وحلية كانت عليهم من الذهب والفضة، وقال: سأفرغ لكم وأنجز لكم ما وعدتكم من العقوبة، وما يمنعي أن أعجل لكم ذلك إلا أني أراكم شباباً حديثة أسنانكم فلا أحب أن أهلككم حتى أجعل لكم أجلاً تذكرون فيه وترجعون إلى عقولكم ثم أمر بهم فأخرجوا من عنده وانطلق إلى مدينة أخرى قريبة منهم لبعض أموره فلما رأى الفتية خروجه بادروا قدومه وخافوا إذا قدم مدينتهم أن يذكرهم فائتمروا بينهم أن يأخذ كل واحد منهم نفقة من بيت أبيه فيتصدّقوا منها ويتزوّدوا بما بقي ثم ينطلقوا إلى كهف قريب من المدينة فمكثوا فيه ويعبدوا الله تعالى حتى إذا جاء دقيانوس أتوه فقاموا بين يديه فيصنع بهم ما يشاء فلما قال ذلك بعضهم لبعض عمد كل فتى منهم إلى بيت أبيه فاخذ نفقة فتصدق منها وانطلقوا بما بقي معهم واتبعهم كلب كان لهم حتى إذا أتوا ذلك الكهف فلبثوا فيه.
وقال كعب الأحبار: مرّوا بكلب فتبعهم فطردوه فعاد ففعلوا ذلك مراراً فقال لهم الكلب ما تريدون مني لا تخشوا جنايتي أنا أحب أحباب الله عز وجل فناموا حتى أحرسكم.
(٥/١٢)
---


الصفحة التالية
Icon