فقد تضاعفت درجات المعرفة فلا جرم قلنا بمضاعفة الثواب فإذا قال مع ذلك: لا إله إلا اللّه فقد أقر بأن الذي تنزه عن كل ما لا ينبغي وهو المبتدئ لكل ما ينبغي ليس في الوجود موجود هكذا إلا هو الواحد فقد صارت مراتب المعرفة ثلاثة فلا جرم صارت درجات الثواب ثلاثة فإذا قال العبد: واللّه أكبر فمعنى أنه أكبر أنه أعظم من أن يصل العقل إلى كنه كبريائه وجلاله فقد صارت مراتب المعرفة أربعة فلا جرم صارت درجات الثواب أربعة. وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه ﷺ «لأن أقول سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس». وعن أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول اللّه ﷺ «استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل: وما هنّ يا رسول اللّه قال: التكبير والتهليل والتسبيح والحمد للّه ولا حول ولا قوة إلا باللّه»، ثانيها أنها الصلاة الخمس، ثالثها أنها الطيب من القول، رابعها وهو أعمها، وأولاها أنها أعمال الخيرات التي تبقى ثمراتها أبد الآباد فيندرج في ذلك الصلاة وأعمال الحج وصيام رمضان وسبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّه والكلام الطيب وغير ذلك من كل عمل وقول دعاك لمحبة اللّه تعالى ومعرفته وخدمته، وأما ما دعاك من قول أو عمل إلى الاشتغال بأحوال الخلق فهو خارج عن ذلك لأن كل ما سوى الحق فهو فانٍ لذاته فكان الاشتغال به والانفاق عليه باطلاً وسعياً ضائعاً، وأما الحق لذاته فهو الباقي الذي لا يقبل الزوال، لا جرم كان الاشتغال بمحبته ومعرفته وطاعته وخدمته هو الذي يبقى بقاء لا يزول ولما كان أهم ما إلي من حصل البقاء ليس لكفايته بل لمن يحفظها له لوقت حاجته قال تعالى: ﴿عند ربك﴾ أي: الجليل المواهب العالم بالعواقب وخير من المال والبنين في العاجل والآجل ﴿ثواباً وخير﴾ من ذلك كله ﴿أملاً﴾ أي: من جملة ما يرجوه فيها من الثواب


الصفحة التالية
Icon