(٥/٧٩)
---
ويرجوه فيها من الأمل لأن ثوابها إلى بقاء آملها كل ساعة في تحقق وعلوّ وارتقاء وآمل المال والبنين يخان أحوج ما يكون إليهما، وعن قتادة كل ما أريد به وجه اللّه تعالى خير ثواباً أي: ما يتعلق بها من الثواب وما يتعلق بها من الأمل لأن صاحبها يأمل في الدنيا ثواب اللّه ونصيبه في الآخرة. ولما بيّن سبحانه وتعالى خساسة الدنيا وشرف الآخرة أردفه بأحوال يوم القيامة وذكر منها أنواعاً النوع الأوّل قوله تعالى:
﴿ويوم﴾ أي: واذكر لهم يوم ﴿نسير﴾ بأيسر أمر ﴿الجبال﴾ عن وجه الأرض بعواصف القدرة كما نسير نبات الأرض بعد أن صار هشيماً بالرياح كما قال تعالى: ﴿وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرّمرّ السحاب﴾ (النمل، ٨٨)
تنبيه: ليس في لفظ الآية ما يدل إلى أين تسير، قال الرازي: ويحتمل أن يقال: إن الله يسيرها إلى الموضع الذي يريده ولم يبين ذلك لخلقه، والحق أنّ المراد أنّ اللّه تعالى يسيرها إلى العدم لقوله تعالى: ﴿ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً﴾ (طه، ١٠٥، ١٠٦)
ولقوله: ﴿وبست الجبال بساً فكانت هباء منبثاً﴾ (الواقعة، ٥، ٦)
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بضم التاء الفوقية وفتح الياء التحتية بعد السين على فعل ما لم يسم فاعله ورفع الجبال بإسناد تسير إليها كما في قوله تعالى: ﴿وإذا الجبال سيرت﴾ (التكوير، ٣)
والباقون بالنون المضمومة وكسر الياء التحتية بعد السين بإسناد فعل التسيير إليه تعالى نفسه ونصب الجبال لكونه مفعول نسير والمعنى نحن نفعل بها ذلك اعتباراً بقوله تعالى: ﴿وحشرناهم﴾ والمعنى واحد لأنها إذا سيرت فمسيرها ليس إلا اللّه تعالى. النوع الثاني قوله تعالى: ﴿وترى الأرض﴾ بكمالها ﴿بارزة﴾ لا غار فيها ولا صدع ولا جبل ولا نبت ولا شجر ولا ظل فبقيت بارزة ظاهرة ليس عليها ما يسترها وهو المراد من قوله تعالى: ﴿لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً﴾ (طه، ١٠٦)
(٥/٨٠)