---
وقيل: إنها أبرزت ما في بطنها وقذفت الموتى المقبورين فيها فإذا هي بارزة الجوف والبطن فحذف ذكر الجوف كما قال تعالى: ﴿وألقت ما فيها وتخلت﴾ (الانشقاق، ٤)
وقال تعالى: ﴿وأخرجت الأرض أثقالها﴾ (الزلزلة، ٢)
. النوع الثالث قوله تعالى: ﴿وحشرناهم﴾ أي: الخلائق قهراً إلى الوقت الذي تنكشف فيه المخبآت وتظهر القبائح والمغيبات ويقع الحساب فيه على النقير والقطمير والناقد فيه بصير ﴿فلم نغادر﴾ أن نترك ﴿منهم﴾ أي: الأوّلين والآخرين ﴿أحداً﴾ لأنه لا ذهول ولا عجز، ونظيره قوله تعالى: ﴿قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم﴾ (الواقعة: ٥٠، ٥١)
فإن قيل: لم جيء فحشرناهم ماضياً بعد نسير وترى؟ أجيب: بأن ذلك يقال للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير وقبل البروز ليعاينوا تلك الأهوال العظائم، كأنه قيل وحشرناهم قبل ذلك. ولما ذكر تعالى حشرهم وكان من المعلوم أنه للعرض ذكر كيفية ذلك العرض فقال بانياً الفعل للمفعول على طريقة كلام القادرين ولأن المخوف العرض لا لكونه من معين
﴿وعرضوا على ربك﴾ المحسن إليك برفع أوليائك وخفض أعدائك، وقوله تعالى: ﴿صفاً﴾ حال أي: مصطفين واختلف في تفسيره على وجوه؛ الأوّل: أن تعرض الخلق كلهم صفاً واحداً لاتساع الأرض ظاهرين لا يحجب بعضهم بعضاً، ثانيها: لا يبعد أن يكونوا صفاً يقف بعضهم وراء بعض مثل الصفوف المحيطة بالكعبة التي تكون بعضها خلف بعض وعلى هذا فالمراد بقوله تعالى: صفاً صفوفاً كقوله تعالى: ﴿يخرجكم طفلاً﴾ (غافر، ٦٧)
أي: أطفالاً، ثالثها: المراد بالصف القيام كما في قوله تعالى: ﴿فاذكروا اسم اللّه عليها صواف﴾ (الحج، ٣٦)
(٥/٨١)
---