طريق الاستئناف على تقدير
(٥/١٠٣)
---
سؤال سائل عن كل كلام يرشد إليه ما قبله وذلك أنه من المعلوم أنّ الطالب للشخص إذا لقيه كمله لكن لا يعرف عين ذلك الكلام فقال: لمن؟ كأنه سأل عن ذلك
﴿قال له موسى﴾ طالباً منه على سبيل التأدّب والتلطف بإظهار ذلك في قالب الاستئذان ﴿هل أتبعك﴾ أي: اتباعاً بليغاً حيث توجهت والاتباع الإتيان بمثل فعل الغير لمجرّد كونه آتياً به وبين أنه لا يطلب منه غير العلم بقوله: ﴿على أن تعلمني﴾ أثبت الياء نافع وأبو عمرو وصلاً لا وقفاً وابن كثير وصلاً ووقفاً والباقون بالحذف وزاد في التعطف بالإشارة إلى أنه لا يطلب جميع ما عنده ليطول عليه الزمان بل جوامع منه يسترشد بها إلى باقيه فقال: ﴿مما علمت﴾ وبناه للمفعول لعلم المتخاطبين لكونهما من المخلصين بأن الفاعل هو اللّه تعالى وللإشارة إلى سهولة كل أمر إلى اللّه تعالى ﴿رشداً﴾ أي: علماً يرشدني إلى الصواب فيما أقصده، وقرأ أبو عمرو بفتح الراء والشين والباقون بضم الراء وسكون الشين.
ولما أتم موسى عليه السلام العبارة عن السؤال.
﴿قال﴾ له الخضر عليه السلام ﴿إنك﴾ يا موسى ﴿لن تستطيع معي صبراً﴾ نفى عنه استطاعة الصبر معه على وجوه من التأكيد كأنها لا تصح ولا تستقيم وفتح الياء من معي صبراً في المواضع الثلاثة هنا حفص وسكنها الباقون ثم علل عدم الصبر معه واعتذر عنه بقوله:
﴿وكيف تصبر﴾ يا موسى ﴿على ما لم تحط به خبراً﴾ أي: وكيف تصبر على أمور وأنت نبيّ ظاهرها مناكير والرجل الصالح لا يتمالك أن يصبر إذا رأى ذلك بل يبادر ويأخذ في الإنكار وخبراً مصدر لمعنى لم تحط به أي: لم تخبر حقيقته.
(٥/١٠٤)
---


الصفحة التالية
Icon