وتركنا بعضهم} أي: يأجوج ومأجوج ﴿يومئذٍ﴾ أي: حين يخرجون ﴿يموج﴾ أي: يضطرب ﴿في بعض﴾ كموج البحر أو يموج بعض الخلق في بعض فيضطربون ويختلطون إنسهم وجنهم حيارى ويؤيده ﴿ونفخ في الصور﴾ أي: القرن النفخة الثانية لقوله تعالى: ﴿فجمعناهم﴾ أي: الخلائق في مكان واحد يوم القيامة، قال البقاعي: ويجوز أن تكون هذه الفاء فاء الفصيحة فيكون المراد النفخة الأولى أي: ونفخ فمات الخلائق كلهم فبليت أجسامهم وتفتت عظامهم كما كان من تقدّمهم، ثم نفخ الثانية فجمعناهم من التراب بعد تمزقهم فيه وتفرّقهم في أقطار الأرض بالسيول والرياح وغير ذلك ﴿جمعاً﴾ فأمتناهم دفعة واحدة كلمح البصر وحشرناهم إلى الموقف للحساب ثم للثواب والعقاب،
﴿وعرضنا﴾ أي: أظهرنا ﴿جهنم يومئذٍ﴾ أي: إذ جمعناهم لذلك ﴿للكافرين عرضاً﴾ ظاهرة لهم بكل ما فيها من الأهوال وهم لا يجدون لهم عنها مصرفاً. ثم وصفهم بما أوجب لهم ذلك بقوله تعالى:
﴿الذين كانت﴾ كوناً كأنه جبلة لهم ﴿أعينهم﴾ وهو بدل من الكافرين ﴿في غطاء عن ذكري﴾ أي: عن القرآن فهم لا يهتدون به وعما جعلنا على الأرض من زينة دليلاً على الساعة بإفنائه ثم إحيائه وإعادته بعد إبداده ﴿وكانوا﴾ بما جعلناهم عليه ﴿لا يستطيعون سمعاً﴾ أي: لا يقدرون أن يسمعوا من النبي ﷺ ما يتلو عليهم بغضاله فلا يؤمنون به. ولما بيّن تعالى أمر الكافرين أنهم أعرضوا عن الذكر وعن استماع ما جاء به النبي ﷺ أتبعه بقوله تعالى:
(٥/١٤١)
---


الصفحة التالية
Icon