﴿أولئك﴾ أي: البعداء البغضاء ﴿الذين كفروا بآيات ربهم﴾ أي: بدلائل توحيده من القرآن وغيره ﴿ولقائه﴾ أي: رؤيته لأنه يقال: لقيت فلاناً أي: رأيته فإن قيل: اللقاء عبارة عن الوصول قال تعالى: فالتقى الماء على أمر قد قدر وذلك في حق اللّه تعالى محال فوجب حملة على لقاء ثواب اللّه تعالى كما قال بعض المفسرين أجيب: بأنّ لفظ اللقاء، وإن كان عبارة عن الوصول إلا أن استعماله في الرؤية مجاز ظاهر مشهور والذي يقول: إن المراد لقاء ثواب اللّه قال: لا يتم إلا بالإضمار وحمل اللفظ على المجاز المتعارف المشهور أولى من حمله على ما يحتاج إلى الإضمار، ثم قال تعالى: ﴿فحبطت﴾ أي: فبسبب جحدهم الدلائل بطلت ﴿أعمالهم﴾ فصارت هباءً منثوراً فلا يثابون عليها، وفي قوله تعالى: ﴿فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً﴾ قولان؛ أحدهما: أنا نزدري بهم وليس لهم عندنا وزن ومقدار، تقول العرب: ما لفلان عندي وزن أي: قدر لخسته، وروى أبو هريرة عن رسول اللّه ﷺ أنه قال: «ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة فلا يزن عند اللّه جناح بعوضة»، وقال: اقرؤوا إن شئتم ﴿فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً﴾»، الثاني: لا نقيم لهم ميزاناً لأن الميزان إنما يوضع لأهل الحسنات والسيئات من الموحدين ليتميز مقدار الطاعات ومقدار السيئات، وقال أبو سعيد الخدري: تأتي ناس بأعمالهم يوم القيامة عندهم في التعظيم كجبال تهامة فإذا وزنوها لم تزن شيئاً فذلك قوله تعالى: ﴿فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً﴾.
ولما كان هذا السياق في الدلالة على أنّ لهم جهنم أوضح من الشمس قال تعالى:
(٥/١٤٤)
---