﴿ذلك﴾ أي: الأمر العظيم الذي بيّناه من وعيدهم ﴿جزاؤهم﴾ ثم بيّن ذلك الجزاء بقوله تعالى: ﴿جهنم﴾ وصرّح بالسببية بقوله تعالى: ﴿بما كفروا﴾ أي: بما أوقعوا التغطية للدلائل ﴿واتخذوا آياتي﴾ الدالة على واحدانيتنا ﴿ورسلي﴾ المؤيدين بالمعجزات الظاهرات ﴿هزوا﴾ أي: مهزوءاً بهما فلم يكتفوا بالكفر الذي هو طعن في الإلهية حتى ضموا إليه الهزو الذي هو أعظم احتقاراً. ولما بيّن سبحانه وتعالى ما لا حد قسمي أهل الجمع تنفيراً عنهم بيّن ما للآخرين على تقدير الجواب لسؤال يقتضيه الحال ترغيباً في اتباعهم والاقتداء بهم بقوله:
﴿إن الذين آمنوا﴾ أي: باشروا الإيمان ﴿وعملوا﴾ تصديقاً لإيمانهم ﴿الصالحات﴾ من الخصال ﴿كانت لهم﴾ أي: في علم اللّه قبل أن يخلقوا البناء أعمالهم على الأساس ﴿جنات﴾ أي: بساتين ﴿الفردوس﴾ أي: أعلى الجنة وأوسطها والإضافة إليه للبيان، روي عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه عن النبي ﷺ أنه قال: «إذا سألتم اللّه تعالى فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة» وقال كعب: ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس فيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وقال قتادة: الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها وأرفعها، وقال كعب: الفردوس هو بستان الجنة الذي فيه الأعناب، وقال مجاهد: هو البستان بالرومية، وقال الزجاج: هو بالرومية منقول إلى لفظ العربية، وقال عكرمة: هي الجنة بلسان الحبش، وقال الضحاك: هي الجنة الملتفة الأشجار ﴿نزلاً﴾ أي: منزلاً كما كان السعير والأغلال لأولئك نزلاً وقوله تعالى:
(٥/١٤٥)
---


الصفحة التالية
Icon