﴿ووهبنا له﴾ أي: هبة تليق بعظمتنا ﴿من رحمتنا﴾ أي: من أجل رحمتنا أو بعض رحمتنا ﴿أخاه﴾ أي: معاضدة أخيه وموازرته لا شخصه وإخوته وذلك إجابة لدعوته ﴿واجعل لي وزيراً من أهلي هارون﴾ (طه: ٢٩، ٣٠)
فإنه كان أسن من موسى
تنبيه: أخاه مفعول أو بدل على تقدير أن تكون من للتبعيض وقوله: ﴿هارون﴾ عطف بيان وقوله ﴿نبياً﴾ حال منه هي المقصودة بالهبة.
القصة الخامسة: قصة إسماعيل عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
﴿واذكر في الكتاب إسماعيل﴾ بن إبراهيم عليهما السلام الذين هم معترفون بنبوّته ومفتخرون برسالته وأبوّته فلزم من ذلك فساد تعليلهم إنكار نبوّتك بأنك من البشر ثم إنّ الله تعالى وصف إسماعيل بأمور:
أوّلها: قوله تعالى: ﴿إنه كان﴾ أي: جبلة وطبعاً ﴿صادق الوعد﴾ في حق الله وفي حق غيره لمعونة الله له على ذلك بسبب أنه لا يعد وعداً إلا مقروناً بالاستثناء كما قال لأبيه حين أخبره بأمر ذبحه: ﴿ستجدني إن شاء الله من الصابرين﴾ (الصافات، ١٠٢)
وخصه بالمدح به وإن كان الأنبياء كلهم كذلك لقصة الذبح فلا يلزم منه تفضيله مطلقاً وروي عن ابن عباس أنه وعد صاحباً له أن ينتظره في مكان فانتظره سنة وروي أنّ عيسى عليه السلام قال له رجل انتظرني حتى آتيك فقال عليه السلام نعم وانطلق الرجل ونسي الميعاد فجاء إلى حاجته إلى ذلك المكان وعيسى عليه السلام هناك للميعاد، وعن رسول الله ﷺ «أنه واعد رجلاً ونسي ذلك الرجل فانتظره من الضحى إلى غروب الشمس» وسئل الشعبي عن الرجل يعد ميعاداً إلى أيّ وقت ينتظره؟ قال: فإن واعده نهاراً فكل النهار وإن واعده ليلاً فكل الليل، وسئل إبراهيم بن زيد عن ذلك فقال: إذا واعدته في وقت الصلاة فانتظره إلى وقت صلاة أخرى.
ثانيها: قوله تعالى: ﴿وكان رسولاً نبياً﴾ قد مرّ تفسيره. وثالثها: قوله تعالى:
(٥/١٩٣)
---