﴿كلوا من طيبات ما رزقناكم﴾ أمر إباحة أن فسر الطيب باللذيذ؛ لأن المن والسلوى من لذائذ الأطعمة، وإن فسر بالحلال؛ لأن الله تعالى أنزله إليهم، ولم تمسه يد الآدميين، فهو أمر إيجاب، وقرأ حمزة والكسائي قد أنجيناكم ووعدناكم ما رزقناكم بتاء مضمومة بعد التحتية من أنجينا، وبعد الدال من وعدنا، وبعد القاف من رزقنا، ولا ألف في الثلاثة، والباقون بالنون، وألف بعدها في الثلاثة، وأسقط أبو عمرو الألف قبل العين من وعدنا، وأثبتها الباقون، ثم زجرهم عن العصيان بقوله تعالى: ﴿ولا تطغوا فيه﴾ أي: فيما رزقناكم بالإخلال بشكره، والتعدي بما حد الله لكم فيه من السرف والبطر والمنع عن المستحقين، وقرأ الكسائي ﴿فيحل﴾ بضم الحاء، أي: ينزل، والباقون بكسرها، أي: يجب ﴿عليكم غضبي﴾ أي: عقوبتي ﴿ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى﴾ أي: هلك، وقيل: شقي، وقيل: وقع في الهاوية، وقرأ الكسائي بضم اللام الأولى، وكسرها الباقون، ولما كان الإنسان محل الزلل، وإن اجتهد رجاه واستعطفه بقوله سبحانه:
﴿وإني لغفار﴾ أي: ستار بإسبال ذيل العفو ﴿لمن تاب﴾ أي: رجع عن ذنوبه من الشرك، وما يقاربه ﴿وآمن﴾ بكل ما يجب الإيمان به ﴿وعمل صالحاً﴾ تصديقاً لإيمانه ﴿ثم اهتدى﴾ باستمراره على ذلك إلى موته.
فائدة: اعلم أنه تعالى وصف نفسه بكونه غافراً وغفوراً وغفاراً، وبأن له غفراناً ومغفرة، وعبر عنه بلفظ الماضي والمستقبل والأمر، أمَّا وصف كونه غافراً، فقوله تعالى ﴿غافر الذنب﴾ (غافر، ٣)
(٥/٢٩١)
---