ربه، وريح فمه متغير، فمضغ شيئاً من نبات الأرض، فقال له ربه: أوما علمت أن ريح الصائم أطيب من ريح المسك، ارجع فصم عشراً، وقيل: إنهم أقاموا بعد مفارقته عشرين ليلة، وحسبوها أربعين بأيامها، وقالوا: قد كملت العدة، فلما رأى قوم موسى أنه لم يرجع إليهم ساءهم ذلك، وكان هارون قد خطبهم وقال: إنكم خرجتم من مصر، ولقوم فرعون عندكم عوار، فاحفروا حفرة وألقوها فيها، ثم أوقدوا عليها ناراً، فلا يكون لنا ولا لهم، وكان السامري قد رأى أثراً، فقبض منه قبضة، فمر بهارون فقال له: يا سامري ألا تلقي ما في يدك، فقال: هذه قبضة من أثر الرسول الذي جاوز بكم البحر، ولا ألقيها على شيء إلا أن تدعوا الله إذا ألقيتها أن يكون ما أريد، فألقاها ودعا له هارون فقال: أريد أن يكون عجلاً، فاجتمع ما في الحفرة وصار عجلاً، فهذا معنى قوله تعالى:
﴿فأخرج لهم عجلاً جسداً﴾ من ذلك الحلي المذاب به جوف ليس فيه روح ﴿له خوار﴾ أي: صوت يسمع؛ قال ابن عباس: لا والله ما كان له صوت قط، وإنما كان الريح يدخل في دبره، فيخرج من فيه، فكان ذلك الصوت من ذلك، وقيل: إنه صاغه، ووضع التراب بعد صوغه في فمه ﴿فقالوا﴾: أي السامري: ومن افتتن به أول ما رأوه مشيرين إلى العجل ﴿هذا إلهكم وإله موسى فنسي﴾ أي: فنسيه موسى، وذهب يطلبه عند الطور، أو فنسي السامري، أي: ترك ما كان عليه من الإيمان
﴿أفلا يرون﴾ أي: قالوا ذلك فتسبب عن قولهم علمهم عن روية ﴿أن﴾ أي: أنه ﴿لا يرجع إليهم قولاً﴾ والإله لا يكون أبكم ﴿ولا يملك لهم ضراً﴾ فيخافوه كما كانوا يخافون فرعون، فيقولون ذلك خوفاً من ضرره ﴿ولا نفعاً﴾ فيقولون ذلك رجاءً له
(٥/٢٩٧)
---