﴿ولقد قال لهم هارون من قبل﴾ أي: قبل رجوع موسى مستعطفاً لهم ﴿يا قوم إنما فتنتم﴾ أي: وقع اختياركم فاختبرتم في صحة إيمانكم وصدقكم فيه، وثباتكم عليه ﴿به﴾ أي: بهذا العجل في إخراجه لكم على هذه الهيئة الخارقة للعادة، وأكد لأجل إنكارهم، فقال: ﴿وإن ربكم﴾ أي: الذي أخرجكم من العدم، ورباكم بالإحسان ﴿الرحمن﴾ وحده الذي فضله عامّ ونعمه شاملة، فليس على بر ولا فاجر نعمة إلا وهي منه تعالى قبل أن يوجد العجل، وهو كذلك بعده، ومن رحمته قبول التوبة، فخافوا نزع نعمه بمعصيته، وأرجوا إسباغها بطاعته ﴿فاتبعوني﴾ بغاية جهدكم في الرجوع إليه ﴿وأطيعوا أمري﴾ أي: في الثبات على الدين
﴿قالوا لن نبرح عليه﴾ أي: العجل ﴿عاكفين﴾ أي: مقيمين ﴿حتى يرجع إلينا موسى﴾ فدافعهم فهموا به، وكان معظمهم قد ضل فلم يكن معه من يقوى بهم، فخاف أن يجاهد بهم الكفار، فلا يفيد ذلك شيئاً مع أن موسى لم يأمره بجهاد من ضل، وإنما قال له: ﴿وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين﴾، فرأى من الإصلاح اعتزالهم إلى أن يأتي.
(٥/٢٩٨)
---