﴿فأكلا﴾ أي: فتسبب عن قوله وتعقب أن أكل ﴿منها﴾ هو وزوجته متبعين لقوله ناسين ما عهد إليهما لأمر قدّره الله في الأزل ﴿فبدت لها سوآتهما﴾ قال ابن عباس عرياً من النور الذي كان الله ألبسهما حتى بدت فروجهما، وإنما جمع سوآتهما كما قال: صغت قلوبكما، أي: فظهر لكل منهما قبله وقبل الآخر ودبره، وسمى كل منهما سوأة؛ لأن انكشافه يسوء صاحبه ﴿وطفقا يخصفان﴾ أي: أخذا يلزقان ﴿عليهما من ورق الجنة﴾ ليستترا به، قال ابن عادل: وهو ورق التين ﴿وعصى آدم﴾ بالأكل من الشجرة، وإن كان إنما فعل المنهي نسياناً لأن عظم مقامه وعلو رتبته يقتضيان له مزيد الاعتناء، ودوام المراقبة ﴿ربه﴾ المحسن إليه بما لم ينله أحد من بنيه من تصويره له بيده، وإسجاد ملائكته له، ومعاداة من عاداه ﴿فغوى﴾ أي: فعل ما لم يكن له فعله، وقيل: أخطأ طريق الحق، وقيل: حيث طلب الخلد بأكل ما نهى عنه، فخاب، ولم ينل مراده وصار من العز إلى الذل، ومن الراحة إلى التعب؛ قال ابن قتيبة: يجوز أن يقال: عصى آدم، ولا يجوز أن يقال: آدم عاص؛ لأنه إنما يقال: عاص لمن اعتاد فعل المعصية كالرجل يخيط ثوبه، فيقال: خاط ثوبه، ولا يقال: هو خياط حتى يعاوده ويعتاده.
(٥/٣٢٠)
---