﴿قالوا﴾ حين لا نفع لقولهم عند نزول البأس ﴿يا ويلنا﴾ إشارة إلى أنه حل بهم؛ لأنه ينادي بيا القريب ترفقاً به كما يقول الشخص لمن يضربه: يا سيدي كأنه يستغيث به ليكف عنه، وذلك غباوة منهم، وعمى عن الذي أحله بهم؛ لأنهم كالبهائم لا ينظرون إلا السبب الأقرب، ثم عللوا حلوله بهم تأكيداً لترفقهم بقولهم: ﴿إنا كنا﴾ جبلة وطبعاً ﴿ظالمين﴾ حيث كذبنا الرسل، وعصينا أمر ربنا، فاعترفوا حيث لا ينفعهم الاعتراف لفوات محله، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه القرية حَضور بفتح الحاء وبالضاد المعجمة، وهي وسحول قريتان قريبتان من اليمن تنسب إليهما الثياب، وفي الحديث: «كفن رسول الله ﷺ في ثوبين سحوليين»، وروي حضوريين بعث الله لهم نبياً، فقتلوه، فسلط الله تعالى عليهم بختنصر كما سلطه الله على أهل بيت المقدس، فاستأصلهم، وروي أنه لما أخذتهم السيوف نادى منادٍ من السماء: يا لثأرات الأنبياء، وهي بفتح اللام، وبمثلثة وهمزة ساكنة أي: يا لأهل ثأراتهم أي: الطالبة بدمهم، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فندموا وقالوا ذلك
﴿فما﴾ أي: فتسبب عن إحلالنا بهم ذلك البأس أنه ما ﴿زالت تلك﴾ الدعوى البعيدة عن الخير والسلامة، وهي قولهم: يا ويلنا ﴿دعواهم﴾ يرددونها لا دعوى لهم غيرها؛ لأن الويل ملازم لهم غير منفك عنهم، وترفقهم له غير نافعهم ﴿حتى جعلناهم حصيداً﴾ كالزرع المحصود بالمناجل بأن قتلوا بالسيف،
(٥/٣٤٣)
---