تنبيه: حصيد على وزن فعيل بمعنى مفعول، ولذلك لم يجمع؛ لأنه يستوي فيه الجمع وغيره ﴿خامدين﴾ أي: ميتين كخمود النار إذا طفئت وصارت رماداً فإن قيل: كيف ينصب جعل ثلاثة مفاعيل أجيب بأنَّ حكم الاثنين الأخيرين حكم الواحد؛ لأن معنى قولك: جعلته حلواً حامضاً جعلته جامعاً للطعمين، وكذلك معنى جعلناهم جامعين لمماثلة الحصد والخمود أو خامدين صفة لحصيداً أو حال من ضميره، ثم نبههم سبحانه وتعالى على النظر في خلق السموات وما بينهما ليعتبروا، فقال تعالى:
﴿وما خلقنا السماء﴾ على علوِّها وإحكامها ﴿والأرض﴾ على عظمها واتساعها ﴿وما بينهما﴾ مما دبرناه لتمام المنافع من أصناف البدائع وغرائب الصنائع ﴿لاعبين﴾ أي: عابثين كما تسوّي الجبابرة سقوفهم وفرشهم، وسائر زخارفهم للهو واللعب، وإنما خلقناها مشحونة بضروب البدائع تبصرة للنظار، وتذكيراً لذوي الاعتبار، وتسبيباً لما ينتظم به أمر العباد في المعاش والمعاد، ولما نفى عنه اللعب أتبعه دليله، فقال عز وجل:
﴿لو أردنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿أن نتخذ لهواً﴾ أي: ما يتلهى به ويلعب، وقيل: هو الولد بلغة اليمن، وقيل: الزوجة والمراد الرد على النصارى ﴿لاتخذناه من لدنا﴾ أي: من عندنا مما يليق أن ينسب لحضرتنا من الحور العين والملائكة بما لنا تمام القدرة، وكمال العظمة ﴿إن كنا فاعلين﴾ ذلك لكنا لم نفعله؛ لأنه لا يليق بجنابنا، فلم نرده، وقوله تعالى:
(٥/٣٤٤)
---