ويحكى أنّ عجوزاً تعرّضت لسليمان بن عبد الملك فقالت: يا أمير المؤمنين مشت جرذان بيتي على العصا، فقال لها: ألطفت في السؤال لا جرم لأردّنّها تثب وثب الفهود، وملأ بيتها حباً، ثم إنّ الله تعالى رحم رحمة امرأة أيوب بصبرها معه على البلاء وخفف عليها، وأراد أن يبر يمين أيوب فأمره أن يأخذ ضغثاً يشتمل على مائة عود صغار، فيضربها به ضربة واحدة كما قال الله تعالى في آية أخرى: ﴿وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث﴾ (ص، ٤٤)
وروي أنّ إبليس اتخذ تابوتاً وجعل فيه أدوية وجلس على طريق امرأة أيوب يداوي الناس فمرت به امرأة أيوب، فقالت: إنّ لي مريضاً أفتداويه قال: نعم ولا أريد شيئاً إلا أن يقول إذا شفيته: أنت شفيتني، فذكرت ذلك لأيوب فقال: هو إبليس قد خدعك وحلف إن شفاه الله تعالى ليضربنها مائة جلدة، وقال وهب وغيره: كانت امرأة أيوب تعمل للناس وتجيئه بقوته، فلما طال عليه البلاء سئمها الناس فلا يستعملها أحد، فالتمست له يوماً من الأيام ما تطعمه فما وجدت شيئاً، فجزت قرناً من رأسها فباعته برغيف فأتته به، فقال لها: أين قرنك، فأخبرته فحينئذٍ قال: مسني الضرّ، وقال قوم: إنما قال ذلك حين قصد الدود إلى قلبه ولسانه، فخشي أن يمتنع عن الذكر والفكر، وقال حبيب بن أبي ثابت: لم يدع الله تعالى بالكشف حتى ظهرت له ثلاثة أشياء.
أحدها: قدم عليه صديقان حين بلغهما خبره، فجاءا إليه ولم تبق إلا عيناه، ورأيا أمراً عظيماً فقالا: لو كان عند الله لك منزلة ما أصابك هذا.
والثاني: أنّ امرأته طلبت طعاماً.
فلم تجد ما تطعمه، فباعت ذؤابتها، وحملت إليه طعاماً.
(٥/٤٠١)
---


الصفحة التالية
Icon