وعن النبي ﷺ «ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلا استجيب له»، وعن الحسن ما نجاه والله إلا إقراره على نفسه بالظلم، وقرأ ابن عامر وأبو بكر بنون واحدة مضمومة وتشديد الجيم على أنّ أصله ننجي، فحذفت النون الثانية كما حذفت التاء الثانية في تظاهرون، وهي إن كانت فاء فحذفها أوقع من حذف حرف المضارعة الذي لمعنى وقيل: هو ماض مجهول أسند إلى ضمير المصدر وهو النجاء، وقرأ الباقون بنونين الثانية مخفاة عند الجيم.
تنبيه: اختلفوا في متى كانت رسالة يونس عليه الصلاة والسلام فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس كانت بعد أن أخرجه الله تعالى من بطن الحوت بدليل قوله تعالى في سورة والصافات: ﴿فنبذناه بالعراء﴾ (الصافات، ١٤٥)، ثم ذكر بعده: ﴿وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون﴾ (الصافات، ١٤٧)، وقال آخرون: إنها كانت من قبل بدليل قوله تعالى: ﴿وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون، فساهم فكان من المدحضين، فالتقمه الحوت وهو مليم، فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون﴾ (الصافات، ١٤٤)
القصة التاسعة: قصة زكريا عليه الصلاة والسلام المذكورة في قوله تعالى:
﴿وزكريا﴾ أي: واذكر زكريا ويبدل منه ﴿إذ نادى ربه﴾ نداء الحبيب القريب فقال: ﴿رب﴾ بإسقاط أداة البعد ﴿لا تذرني فرداً﴾ أي: وحيداً من غير ولد ذكر يرث ما آتيتني من الحكمة ﴿وأنت﴾ أي: والحال أنك ﴿خير الوارثين﴾ أي: الباقي بعد فناء خلقك، وكثيراً ما تمنح إرث بعض عبيدك عبيداً آخرين، فأنت الحقيق بأن تفعل في إرثي من العلم والحكمة ما أحب، فتهبني ولداً تمنّ عليَّ به
(٥/٤١١)
---


الصفحة التالية
Icon