﴿وليعلم الذين أوتوا العلم﴾ بإتقان حججه وإحكام براهينه وضعف شبه المعاجزين ﴿أنه﴾ أي: الشيء الذي تلوته أو تحدثت به ﴿الحق﴾ أي: الثابت الذي لا يمكن زواله ﴿من ربك﴾ أي: المحسن إليك بتعليمك إياه ﴿فيؤمنوا به﴾ لما ظهر لهم من صحته بما ظهر من ضعف تلك الشبهة ﴿فتخبت﴾ أي: تطمئن وتخضع ﴿له قلوبهم﴾ وتسكن به نفوسهم ﴿وإنّ الله﴾ بجلاله وعظمته ﴿لهادي الذين آمنوا﴾ في جميع ما يلقيه أولياء الشيطان ﴿إلى صراط مستقيم﴾ أي: قويم، وهو الإسلام يصلون به إلى معرفة بطلانه حتى لا تلحقهم حيرة، ولا تعتريهم شبهة، فيوصلهم ذلك إلى سعادة الدارين
(٥/٤٨٩)
---
﴿ولا يزال الذين كفروا﴾ أي: وجد منهم الكفر وطبعوا عليه ﴿في مرية﴾ أي: شك ﴿منه﴾ قال ابن جريج: أي: من القرآن، وقيل: مما ألقى الشيطان على رسول الله ﷺ قولون: فما باله ذكرها بخير ثم ارتدّ عنها، وقيل: من الدين وهو الصراط المستقيم ﴿حتى تأتيهم الساعة﴾ أي: القيامة، وقيل: أشراطها، وقيل: الموت ﴿بغتة﴾ أي: فجأة ﴿أو يأتيهم عذاب يوم عقيم﴾ قال عكرمة والضحاك: لا ليل بعده وهو يوم القيامة، والأكثرون على أنه يوم بدر، وسمي عقيماً لأنه لم يكن في ذلك اليوم للكفار خير كالريح العقيم التي لا تأتي بخير، وقيل: لأنه لا مثل له في عظم أمره لقتال الملائكة فيه، ويقوي التفسير الأوّل قوله تعالى:
﴿الملك يومئذٍ﴾ أي: يوم القيامة ﴿لله﴾ أي: المحيط بجميع صفات الكمال وحده، ولما كان كأنه قيل: ما معنى اختصاصه به، وكل الأيام له قيل: ﴿يحكم بينهم﴾ أي: المؤمنين والكافرين بالأمر الفصل الذي لا حكم فيه ظاهراً ولا باطناً لغيره كما ترونه الآن بل يمشي فيه الأمر على أتم شيء من العدل ﴿فالذين آمنوا وعملوا﴾ أي: وصدّقوا دعواهم الإيمان بأن عملوا ﴿الصالحات﴾ وهي ما أمرهم الله به ﴿في جنات النعيم﴾ فضلاً منه ورحمة لهم بما رحمهم الله تعالى من توفيقهم للأعمال الصالحات