﴿فإذا نفخ في الصور﴾ أي: القرن، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنها النفخة الأولى ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض ﴿فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون﴾ ثم نفخ فيه أخرى، فإذا هم قيام ينظرون، وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون، وعن ابن مسعود أنها النفخة الثانية قال: يؤخذ بيد العبد والأمة يوم القيامة فينصب على رؤوس الأولين والآخرين، ثم ينادي منادٍ هذا فلان بن فلان، فمن كان له قبله حق فليأت إلى حقه فيفرح المرء أن يكون له حق على والده أو ولده أو زوجته أو أخيه، فيأخذه منهم، ثم قرأ ابن مسعود فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون، وفي رواية عطاء عن ابن عباس أنها النفخة الثانية فلا أنساب بينهم أي: لا يتفاخرون بالأنساب يومئذٍ كما كانوا يتفاخرون بها في الدنيا ولا يتساءلون سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا من أنت ومن أي قبيل أنت، ولم يرد أن الإنسان ينقطع نسبه، فإن قيل: قد قال تعالى هنا: ولا يتساءلون، وقال تعالى في موضع آخر: ﴿وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون﴾ (الصافات، ٢٧)
؟ أجيب: بأن ابن عباس قال: إن للقيامة أحوالاً ومواطن ففي موطن يشتد عليهم الخوف فيشغلهم عظم الأمر عن التساؤل، فلا يتساءلون، وفي موطن يفيقون إفاقة فيتساءلون، وقيل: التساؤل بعد دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.
﴿فمن ثقلت موازينه﴾ أي: بالأعمال المقبولة، قال البقاعي: ولعل الجمع لأن لكل عمل ميزاناً يعرف أنه لا يصلح له غيره، وذلك أدل دليل على القدرة ﴿فأولئك﴾ أي: خاصة قال أيضاً: ولعله جمع للبشارة بكثرة الناجي بعد أن أفرد للدلالة على كثرة الأعمال أو على عموم الوزن لكل فرد ﴿هم المفلحون﴾ أي: الفائزون بالنجاة والدرجات العلى.
(٦/٦٢)
---