﴿أو يلقى إليه كنز﴾ أي: ينزل عليه كنز من السماء ينفقه فلا يحتاج إلى المشي في الأسواق لطلب المعاش، ثم نزلوا فاقتنعوا بأن يكون رجلاً له بستان، فقالوا: ﴿أو تكون له جنة﴾ أي: بستان ﴿يأكل منها﴾ أي: إن لم يلق إليه كنز فلا أقل أن يكون له بستان كالمياسير فيتعيش بريعه، وقرأ حمزة والكسائي بالنون أن نأكل نحن منها فيكون له مزية علينا بها، والباقون بالياء وقوله تعالى: ﴿وقال الظالمون﴾ وضع فيه الظاهر موضع المضمر إذ الأصل وقالوا تسجيلاً عليهم بالظلم فيما قالوا ﴿إن﴾ أي: ما ﴿تتبعون إلا رجلاً مسحوراً﴾ أي: مخدوعاً مغلوباً على عقله، وقيل: مصروفاً عن الحق، ولما أنهى تعالى ما ذكر من أقوالهم الناشئة عن ضلالهم التفت سبحانه وتعالى إلى رسوله ﷺ مسلياً له بقوله تعالى:
﴿انظر﴾ أي: يا أفضل الخلق ﴿كيف ضربوا لك الأمثال﴾ أي: بالمسحور والمحتاج إلى ما ينفقه وإلى ملك يقوم معه بالأمر ﴿فضلوا﴾ أي: بذلك عن جميع طرق الهدى ﴿فلا يستطيعون﴾ أي: في الحال ولا في المآل بسبب الضلال ﴿سبيلاً﴾ أي: سلوك سبيل من السبل الموصلة إلى ما يستحق أن يقصد، بل هم في مجاهل موحشة وفيافي مهلكة، ولما أثبت أنهم لا علم لهم ولا قدرة ولا يمن ولا بركة أثبت لنفسه سبحانه وتعالى ما يستحق من الكمال الذي يفيض به على من يشاء من عباده ما يشاء بقوله تعالى:
(٦/١٩٧)
---