وقال الزجاج: إن السيئة بعينها لا تصير حسنة فالتأويل أن السيئة تمحى بالتوبة وتكتب مع التوبة حسنة، والكافر يحبط الله عمله ويثبت عليه السيئات، وقال سعيد بن المسيب ومكحول: إن الله تعالى يمحو السيئة عن العبد ويثبت له بدلها الحسنة بحكم هذه الآية وهذا هو ظاهر الآية ويدل له ما روى أبو هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «إني لأعلم آخر رجل يخرج من النار رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال له اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها، فيعر ض عليه صغارها، فيقال له: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا، وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا، فيقول: نعم فلا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له: إن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول: يا رب قد عملت أشياء لا أراها ههنا، قال أبو هريرة: فلقد رأيت رسول الله ﷺ ضحك حتى بدت نواجذه» ﴿وكان الله﴾ أي: الذي له الجلال والإكرام على الإطلاق أزلاً وأبداً ﴿غفوراً﴾ أي: ستور الذنوب كل من تاب بهذا الشرط ﴿رحيماً﴾ به بأن يعامله بالإكرام كما يعامل المرحوم فيعطيه مكان كل سيئة حسنة.
روى البخاري عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في أهل الشرك ولما نزل صدرها قال أهل مكة: قد عدلنا بالله وقتلنا النفس التي حرم الله وأتينا الفواحش فأنزل الله إلا من تاب إلى رحيماً. روى البخاري في التفسير أن ناساً من أهل الشرك كانوا قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، فأتوا محمد ﷺ فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزلت هذه الآية ونزل ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾ (الزمر، ٥٣)
(٦/٢٦٠)
---


الصفحة التالية
Icon