﴿والذين يقولون﴾ أي: علماً منهم بعد اتصافهم بجميع ما مضى أنهم أهل للإمامة ﴿ربنا هب لنا من أزواجنا﴾ اللاتي قرنتهن بنا كما فعلت بنبيك محمد ﷺ فمدحت أزواجه في كلامك القديم، وجعلت مدحهن يتلى على تعاقب الأزمان والسنين ﴿وذرياتنا قرة أعين﴾ لنا بأن نراهم مطيعين لك ولا شيء أسر للمؤمن من أن يرى حبيبه يطيع الله تعالى، وعن محمد بن كعب ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده يطيعون الله، وعن ابن عباس هو الولد إذا رآه يكتب الفقه وخصوا الأزواج والذرية بذلك؛ لأن الأقربين أولى بالمعروف.
تنبيه: من في قوله تعالى من أزواجنا يحتمل أن تكون بيانية كأنه قيل: هب لنا قرة أعين، ثم بينت القرة وفسرت بقوله: من أزواجنا وذرياتنا، ومعناه أن اجعلهم لهم قرة أعين وهو من قولهم رأيت منك أسداً أي: أنت أسد، وأن تكون ابتدائية على معنى هب لنا من جهتهم ما تقر به عيوننا من طاعة وإصلاح وأتوا بجمع القلة في أعين؛ لأن المتقين الذين يفعلون الطاعة ويسرون بها قليلون في جنب العاصين، وقيل: سألوا أن يلحق الله بهم أزواجهم وذريتهم في الجنة ليتم لهم سرورهم ووحد القرّة لأنها مصدر، وأصلها من البرد لأن العرب تتأذى من الحر وتتروح إلى البرد وتذكر قرة العين عند السرور وسخنة العين عند الحزن ويقال: دمع العين عند السرور بارد وعند الحزن حار، وقال الأزهري: معنى قرة العين أن يصادف قلبه من يرضاه فتقر عينه عن النظر إلى غيره، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص بألف بعد الياء على الجمع والباقون بغير ألف على الإفراد ﴿واجعلنا للمتقين إماماً﴾ أي: أئمة يقتدون بنا في أمر الدين بإضافة العلم والتوفيق للعمل فاكتفى بالواحد لدلالته على الجنس ولعدم اللبس كقوله تعالى: ﴿ثم يخرجكم طفلاً﴾ (غافر، ٦٧)
(٦/٢٦٣)
---


الصفحة التالية
Icon