أو أرادوا واجعل كل واحد منا أو أرادوا جمع آم كصائم وصيام أو أرادوا اجعلنا إماماً واحداً لاتحادنا واتفاق كلمتنا، وعن بعضهم في الآية ما يدل على أن الرياسة في الدين يحسن أن تطلب ويرغب فيها، وقال الحسن: نقتدي بالمتقين ويقتدي المتقون بنا، وقيل: هذا من المقلوب، أي: واجعل المتقين لنا إماماً واجعلنا مؤتمين مقتدين بهم، وهو قول مجاهد، وقيل: نزلت هذه الآية في العشرة المبشرين بالجنة، ولما بين تعالى صفات المتقين المخلصين بين بعده إحسانه إليهم بقوله تعالى:
﴿أولئك﴾ أي: العالو الرتبة العظيمة العظيمو المنزلة ﴿يجزون﴾ أي: فضلاً من الله تعالى على ما وفقهم له من هذه الأعمال الزاكية والأحوال الصافية ﴿الغرفة﴾ أي: الغرفات وهي العلالي في الجنة فوحد اقتصاراً على الواحد الدال على الجنس والدليل على ذلك قوله تعالى :﴿وهم في الغرفات آمنون﴾ (سبأ، ٣٧)، وقيل: هي من أسماء الجنة، ولما كانت القرب في غاية التعب لمنافاتها لشهوات النفس وهواها وطبع البدن رغب فيها بأن جعلها سبباً لهذا الجزاء بقوله تعالى: ﴿بما صبروا﴾ أي: أوقعوا الصبر على أمر ربهم ومرارة غربتهم بين الجاهلين في أفعالهم وأقوالهم وأحوالهم وغير ذلك من معالي خلالهم، ولما كان المنزل لا يطيب إلا بالكرامة والسلامة.
(٦/٢٦٤)
---