واختلف في القلب السليم على أوجه: قال الرازي أصحها: أنّ المراد منه سلامة النفس عن الجهل والأخلاق الرذيلة، الثاني: أنه الخالص من الشرك والنفاق وهو قلب المؤمن وجرى على هذا الجلال المحلي وأكثر المفسرين، فإنّ الذنوب قل أن يسلم منها أحد، وهذا معنى قول سعيد بن المسيب. السليم: هو الصحيح وهو قلب المؤمن فإن قلب الكافر والمنافق مريض، قال تعالى: ﴿في قلوبهم مرض﴾ (البقرة: ١٠)
الثالث: أنه الذي سلم وسلّم وأسلم وسالم واستسلم، الرابع: أنه هو اللديغ أي: القلق المنزعج من خشية الله، لكن قال الزمخشريّ: أنّ القولين الأخيرين من بدع التفاسير، وقوله تعالى:
(٧/٤١)
---
﴿وأزلفت الجنة﴾ حال من واو يبعثون، ومعنى أزلفت قربت أي: قربت الجنة ﴿للمتقين﴾ فتكون قريبة من موقف السعداء ينظرون إليها ويفرحون بأنهم المحشورون إليها زيادة إلى شرفهم.
﴿وبرّزت الجحيم﴾ أي: كشفت وظهرت النار الشديدة ﴿للغاوين﴾ أي: الكافرين فيرونها مكشوفة ويحشرون على أنهم المسوقون إليها زيادة في هوانهم.
تنبيه: في اختلاف الفعلين بترجيح لجانب الوعد على الوعيد حيث قال في حق المتقين وأزلفت أي: قربت وفي حق الغاوين وبرّزت أي: أظهرت ولا يلزم من الظهور القرب.
﴿وقيل لهم﴾ تبكيتاً وتنديماً وتوبيخاً، وأبهم القائل ليصلح لكل أحد تحقيراً لهم، ولأنّ المراد نفس القول لا كونه من معين ﴿أينما﴾ أي: أين الذي ﴿كنتم تعبدون﴾ في الدنيا، ثم حقر معبوداتهم بقوله تعالى:
﴿من دون﴾ أي: من أدنى رتبة من رتب ﴿الله﴾ أي: الملك الذي لا كفء له، وكنتم تزعمون أنهم يشفعون لكم ويقونكم شرّ هذا اليوم ﴿هل ينصرونكم﴾ بدفع العذاب عنكم ﴿أو ينتصرون﴾ بدفعه عن أنفسهم.


الصفحة التالية
Icon