﴿إذ﴾ أي: حين ﴿قال لهم أخوهم﴾ أي: في البلد لا في الدين ولا في النسب لأنه ابن أخي إبراهيم عليهما السلام وهما من بلاد الشرق من أرض بابل، وكأنه عبر بالأخوة لاختياره لمجاورتهم ومناسبتهم بمصاهرتهم وإقامته بينهم في مدينتهم مدة مديدة وسنين عديدة وإتيانه بالأولاد من نساءهم مع موافقته لهم في أنه قروي ثم بينه بقوله تعالى: ﴿لوط﴾ بصيغة العرض كغيره ممن تقدم ﴿ألا تتقون﴾ الله فتجعلون بينكم وبين سخطه وقاية، ثم علل ذلك بقوله:
﴿إني لكم﴾ أي: خاصة ﴿رسول﴾ فلا تسعني المخالفة ﴿أمين﴾ لا غش عندي ولا خيانة، ثم تسبب عن ذلك قوله:
﴿فاتقوا الله﴾ أي: الملك العظيم فإنه قادر على ما يريد فلا تعصوه ﴿وأطيعون﴾ أي: لأنّ طاعتي سبب نجاتكم لأني لا آمركم إلا بما يرضيه ولا أنهاكم إلا عما يغضبه ثم نفى عن نفسه ما يتوهم كما تقدم لغيره بقوله:
﴿وما أسألكم عليه﴾ أي: الدعاء إلى الله تعالى ﴿من أجر﴾ أي: فتتهموني بسببه ﴿إن أجري إلى على رب العالمين﴾ أي: المحسن إليّ بإيجادكم ثم بتربيتكم، ثم وبخهم ووعظهم بقوله:
﴿أتأتون الذكران﴾ وقوله ﴿من العالمين﴾ يحتمل عوده إلى الآتي، أي: أنتم من جملة العالمين مخصوصون بهذه الصفة وهي إتيان الذكور ولم يفعل هذا الفعل غيركم من الناكحين من الخلق، ويحتمل عوده إلى المأتي: أي: أنتم اخترتم الذكران من العالمين كالإناث منهم وعلى هذا يحتمل أن يراد الذكران من الآدميين ومن غيرهم توغلاً في الشرّ وتجاهراً بالتهتك، قال البقاعي: وإن يراد الآدميون وجرى عليه البغوي وأكثر المفسرين أي: تريدون الذكران من أولاد آدم مع كثرة الإناث وغلبتهنّ.
(٧/٦٠)
---