﴿وتذرون﴾ أي: تتركون لهذا الغرض ﴿ما خلق لكم﴾ أي: للنكاح ﴿ربكم﴾ أي: المحسن إليكم وقوله ﴿من أزواجكم﴾ يصلح أن يكون تبييناً أي: وهن الإناث وأن يكون للتبعيض ويكون المخلوق لذلك هو القبل، وكانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم، ثم كأنهم قالوا نحن لم نترك نساءنا أصلاً ورأساً وإن كانوا قد فهموا أنّ مراده تركهن حال الفعل في الذكور، فقال مضرباً عن مقالهم لما أرادوا به حيدة عن الحق وتمادياً في الفجور ﴿بل أنتم قوم عادون﴾ أي: متجاوزون عن حدّ الشهوة حيث زادوا على سائر الناس بل والحيوانات أي: مفرطون في المعاصي، وهذا من جملة ذلك، أو أحقاء بأن توصفوا بالعدوان بارتكابكم هذه الجريمة، ولما اتضح الحق عندهم وعرفوا أن لا وجه لهم في ذلك وانقطعت حجتهم.
﴿قالوا﴾ مقسمين ﴿لئن لم تنته﴾ وسموه باسمه جفاء وغلظة بقولهم: ﴿يا لوط﴾ أي: عن مثل إنكارك هذا علينا ﴿لتكونن من المخرجين﴾ أي: ممن أخرجناه من بلدنا على وجه فظيع من تعنيف واحتباس أملاك كما هو حال الظلمة إذا أجلوا بعض من يغضبون عليه وكما كان يفعل بعض أهل مكة بمن يريد المهاجرة، وفي هذا إشارة إلى أنه غريب عندهم وأنّ عادتهم المستمّرة نفي من اعترض عليهم.
﴿قال﴾ مجيباً لهم ﴿إني﴾ مؤكداً المضمون ما يأتي به ﴿لعملكم من القالين﴾ أي: المبغضين غاية البغض لا أقف عن الإنكار عليه بالإبعاد.
تنبيه: قوله من القالين: أبلغ من أن يقول إني لعملكم قالٍ كما تقول فلان من العلماء فيكون أبلغ من قولك فلان عالم لأنك تشهد له بكونه معدوداً في زمرتهم ومعروفة مساهمته لهم في العلم، والقلي: البغض الشديد كأنّ البغض يقلي الفؤاد والكبد والقالي المبغض كما قال القائل:
*ووالله ما فارقتكم قالياً لكم ** ولكن ما يقضى عليّ يكون*
ثم إنه عليه السلام دعا إلى الله تعالى بقوله:
(٧/٦١)
---