﴿ألم تر﴾ أي: تعلم ﴿أنهم﴾ أي: الشعراء ومثل حالهم بقوله تعالى: ﴿في كل واد﴾ من أودية القول من المدح والهجو والتشبب والرثاء والمجون وغير ذلك ﴿يهيمون﴾ أي: يسيرون سير البهائم حائرين وعن طريق الحق حائدين كيفما جرّهم القول أنجرّوا من القدح في الأنساب والتشبب بالحرم والهجو ومدح من لا يستحق المدح ونحو ذلك، ولذلك قال تعالى:
﴿وأنهم يقولون ما لا يفعلون﴾ أي: لأنهم لا يقصدونه وإنما ألجأهم إليه الفنّ الذي سلكوه فأكثر أقوالهم لا حقائق لها، وقيل: إنهم يمدحون الجود والكرم ويحثون عليه ولا يفعلونه ويذمّون البخل ويصرّون عليه ويهجون الناس بأدنى شيء صدر منهم.
تنبيه: قال المفسرون: أراد شعراء الكفار كانوا يهجون رسول الله ﷺ وذكر مقاتل أسماءهم فقال: منهم عبد الله بن الزبعري السهميّ وهبيرة بن أبي وهب المخزوميّ وشافع بن عبد مناف وأبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحيّ وأمية بن أبي الصلت الثقفي تكلموا بالكذب والباطل وقالوا: نحن نقول كما قال محمد وقالوا الشعر واجتمع إليهم غواة قومهم يسمعون أشعارهم حين هجوا النبيّ ﷺ وأصحابه، ويروون عنهم قولهم: فذلك قوله تعالى: ﴿يتبعهم الغاوون﴾ وهم الرواة الذين يروون هجاء المسلمين، وقال قتادة: هم الشياطين، ثم.
إنه تعالى لما وصف شعراء الكفار بهذه الأوصاف، استثنى شعراء المسلمين الذين كانوا يجتنبون شعر الجاهلية ويهجون الكفار وينافحون عن النبيّ ﷺ وأصحابه، منهم: حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك، فقال تعالى:
(٧/٨٣)
---