﴿ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله﴾ بأن عذبهم الكفرة على الإيمان ﴿جعل فتنة الناس﴾ أي: له بما يصيبه من أذيتهم في منعه عن الإيمان إلى الكفر ﴿كعذاب الله﴾ أي: في الصرف عن الكفر إلى الإيمان ﴿ولئن﴾ لام قسم ﴿جاء نصر﴾ أي: للمؤمنين ﴿من ربك﴾ أي: بفتح وغنيمة ﴿ليقولنّ﴾ حذف منه نون الرفع لتوالي النونات، والواو ضمير الجمع لالتقاء الساكنين ﴿إنا كنا معكم﴾ في الإيمان فأشركونا في الغنيمة وأما عند الشدّة فيجبنون كما قال الشاعر:
*وما أكثر الأصحاب حين تعدهم ** ولكنهم في النائبات قليل *
قال الله تعالى: ﴿أو ليس الله بأعلم﴾ أي: بعالم ﴿بما في صدور﴾ أي: قلوب ﴿العالمين﴾ من الإيمان والنفاق.
﴿وليعلمنّ الله الذين آمنوا﴾ أي: بقلوبهم ﴿وليعلمنّ المنافقين﴾ فيجازي الفريقين، واللام في الفعلين لام قسم، ولما بين الفرق الثلاثة وأحوالهم ذكر أن الكافر يدعو من يقول آمنت إلى الكفر بقوله تعالى:
﴿وقال الذين كفروا﴾ أي: ظاهراً وباطناً ﴿للذين آمنوا﴾ أي: ظاهراً وباطناً لم تتحملون الأذى والذل؟ ﴿اتبعوا سبيلنا﴾ أي: الذي نسلكه في ديننا تدفعوا عن أنفسكم ذلك، فقالوا: نخاف من عذاب الله تعالى على خطيئة اتباعكم فقالوا لهم اتبعونا ﴿ولنحمل خطاياكم﴾ إن كان ذلك خطيئة أو إن كان بعث ومؤاخذة، قال الجلال المحلي: والأمر بمعنى الخبر وهو أولى من قول البيضاوي: وإنما أمروا أنفسهم بالحمل عاطفين على أمرهم بالاتباع مبالغة في تعليق الحمل بالاتباع والوعد بتخفيف الأوزارعنهم إن كان تشجيعاً للمؤمنين على الاتباع وبهذا الاعتبار رد عليهم وكذبهم بقوله ﴿وما هم﴾ أي: الكفار ﴿بحاملين من خطاياهم﴾ أي: المؤمنين ﴿من شيء أنهم لكاذبون﴾ في ذلك، قال الزمخشري: وترى في المتسمين بالإسلام من يستن بأولئك فيقول لصاحبه إذا أراد أن يشجعه على ارتكاب بعض العظائم افعل هذا وإثمه في عنقي وكم من مغرور بمثل هذا الضمان من ضعفة العامة وجهلتهم؟.
(٧/٢٨٤)
---


الصفحة التالية
Icon