ومنه ما يحكي أن أبا جعفر المنصور رفع إليه بعض أهل الحشو حوائجه فلما قضاها قال: يا أمير المؤمنين بقيت الحاجة العظمى قال: وما هي قال شفاعتك يوم القيامة فقال: له عمرو بن عبيد رحمه الله إياك وهؤلاء فإنهم قطاع الطريق في المأمن، فإن قيل كيف سماهم الله تعالى كاذبين وإنما ضمنوا شيئاً علم الله تعالى أنهم لا يقدرون على الوفاء به وضامن ما لا يعلم اقتداره على الوفاء به، لا يسمى كاذباً لا حين ضمن ولا حين عجز لأنه في الحالين لا يدخل تحت حد الكاذب وهو المخبر عن الشيء لا على ما هو عليه؟ أجيب: بأنّ الله تعالى شبه حالهم حيث علم أن ما ضمنوه لا طريق لهم إلى أن يفوا به فكان ضمانهم عنده لا على ما عليه المضمون بالكاذبين الذين خبرهم لا على ما عليه المخبر عنهم، ويجوز أن يراد أنهم كاذبون لأنهم قالوا ذلك وقلوبهم على خلافه كالكاذبين الذين يعدون الشيء وفي قلوبهم نية الخلف، تنبيه: من الأولى: للتبيين، والثانية: مزيدة، والتقدير: وما هم بحاملين شيئاً من خطاياهم.
فإن قيل قال الله تعالى: ﴿وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء﴾ ثم قال الله تعالى:
(٧/٢٨٥)
---