﴿فأنجيناه﴾ أي: نوحاً عليه السلام ﴿وأصحاب السفينة﴾ أي: الذين كانوا فيها من الغرق، وكانوا ثمانية وسبعين نفساً نصفهم ذكور ونصفهم إناث منهم أولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم، وعن محمد بن إسحاق كانوا عشرة خمسة رجال وخمسة نسوة، وقد روي عن النبيّ ﷺ «كانوا ثمانية نوح وأهله وبنوه الثلاثة ونساؤهم» ﴿وجعلناها﴾ أي: السفينة أو الحادثة والقصة ﴿آية﴾ أي: عبرة وعلامة على قدرة الله تعالى وعلمه وإنجائه للطائع وإهلاكه للعاصي ﴿للعالمين﴾ أي: لمن بعدهم من الناس إن عصوا رسولهم فإنه لم يقع في الدهر حادثة أعظم منها ولا أغرب ولا أشهر في تطبيق الماء جميع الأرض بطولها والعرض وإغراق جميع ما عليها من حيوانٍ إنسانٍ وغيره، ولما ذكر تعالى قصة نوح وكان بلاء إبراهيم عليه السلام عظيماً في قذفه في النار وإخراجه من بلاده اتبعه به بقوله تعالى:
﴿وإبراهيم﴾ وهو منصوب إما باذكر ويكون ﴿إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه﴾ أي: خافوا عقابه بدل اشتمال لأنّ الأحيان تشمل ما فيها، وإمّا معطوفاً على نوحاً، وإذ ظرف لأرسلنا أي: أرسلناه حين بلغ من السنّ والعلم مبلغاً صلح فيه لأنْ يعظ قومه وينصحهم ويعرض عليهم الحق ويأمرهم بالعبادة والتقوى ﴿ذلكم﴾ أي: الأمر العظيم الذي هو إخلاصكم في عبادتكم له وتقواكم ﴿خير لكم﴾ أي: من كل شيء ﴿إن كنتم تعلمون﴾ أي: في عداد من يتجدّد له علم فينظر في الأمور بنظر العلم دون نظر الجهل، ولما أمرهم بما تقدّم ونفى العلم عمن جهل خيريته دل عليه بقوله.b
(٧/٢٨٩)
---


الصفحة التالية
Icon