﴿خلق الله﴾ أي: الذي لا يدانى في عظمته ﴿السموات والأرض بالحق﴾ أي: الأمر الذي يطابقه الواقع، أو بسبب إثبات الحق وإبطال الباطل، أو بسبب أنه محق غير قاصد به باطلاً فإنّ المقصود بالذات من خلقهما إفاضة الجود والدلالة على ذاته وصفاته كما أشار إليه بقوله تعالى: ﴿إنّ في ذلك لآية﴾ أي: دلالة ظاهرة على قدرته تعالى ﴿للمؤمنين﴾ وأُختص المؤمنون بذلك لأنهم المنتفعون به، ثم خاطب تعالى رأس أهل الإيمان بقوله تعالى:
﴿اتل ما أوحي إليك من الكتاب﴾ أي: القرآن الجامع لكل خير لتعلم أن نوحاً ولوطاً وغيرهما كانوا على ما أنت عليه بلغوا الرسالة وبالغوا في إقامة الدلالة، ولم ينقذوا قومهم من الضلالة، وهذا تسلية للنبي ﷺ ولما أرشد تعالى إلى مفتاح العلم دلّ على قانون العمل بقوله تعالى: ﴿وأقم الصلاة﴾ أي: التي هي أحق العبادات، ثم علل ذلك بقوله تعالى: ﴿إنّ الصلاة تنهى﴾ أي: توجد النهي وتجدّده للمواظب على إقامتها بجميع حدودها ﴿عن الفحشاء﴾ أي: عن الخصال التي بلغ قبحها ﴿والمنكر﴾ وهو ما لا يعرف في الشرع، فإن قيل: كم من مصلّ يرتكب الفحشاء؟ أجيب: بأنّ المراد الصلاة التي هي الصلاة عند الله تعالى المستحق بها الثواب بأن يدخل فيها مقدّماً للتوبة النصوح متقياً لقوله تعالى: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾ (المائدة، ٣٧)
(٧/٣٢٠)
---