﴿ومن آياته﴾ أي: دلالاته الواضحة ﴿أن يرسل الرياح مبشرات﴾ أي: بالمطر كما قال تعالى ﴿بشراً بين يدي رحمته﴾ أي: قبل المطر، وقيل: مبشرات بصلاح الأهوية والأحوال فإن الرياح لو لم تهب لظهر الوباء والفساد، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي الريح بالإفراد على إرادة الجنس، والباقون بالجمع وهي الجنوب والشمال والصبا؛ لأنها رياح الرحمة، وأمّا الدبور فريح العذاب ومنه قوله ﷺ «اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً» وقوله تعالى ﴿وليذيقكم﴾ أي: بها ﴿من رحمته﴾ أي: من نعمته من المياه العذبة والأشجار الرطبة وصحة الأبدان وما يتبع ذلك من أمور لا يحصيها إلا خالقها، معطوف على مبشرات على المعنى كأنه قيل: ليبشركم وليذيقكم، أو على علة محذوفة دل عليها مبشرات، أو على يرسل بإضمار فعل معلل دل عليه أي: وليذيقكم أرسلها ﴿ولتجري الفلك﴾ أي: السفن في جميع البحار وما جرى مجراها عند هبوبها، وإنما زاد ﴿بأمره﴾ لأن الريح قد تهب ولا تكون موافقة فلا بدّ من إرساء السفن والاحتيال لحبسها، وربما عصفت وأغرقتها ﴿ولتبتغوا﴾ أي: تطلبوا ﴿من فضله﴾ من رزقه بالتجارة في البحر ﴿ولعلكم﴾ أي: ولتكونوا إذا فعل بكم ذلك على رجاء من أنكم ﴿تشكرون﴾ على ما أنعم عليكم من نعمه ودفع عنكم من نقمه.
تنبيه: قال تعالى في ظهر الفساد ﴿ليذيقهم بعض الذي عملوا﴾ (الروم: ٤١)
(٧/٣٩٢)
---


الصفحة التالية
Icon