وقال ههنا ﴿وليذيقكم من رحمته﴾ فخاطبهم ههنا تشريفاً ولأنّ رحمته قريب من المحسنين وحينئذ فالمحسن قريب فيخاطب، والمسيء بعيد فلم يخاطب، وقال هناك ﴿بعض الذي عملوا﴾ فأضاف ما أصابهم إلى أنفسهم وأضاف ما أصاب المؤمن إلى رحمته فقال تعالى: ﴿من رحمته﴾ لأنّ الكريم لا يذكر لرحمته وإحسانه عوضاً فلا يقول: أعطيتك لأنك فعلت كذا بل يقول: هذا لك مني، وأما ما فعلت من الحسنة فجزاؤه بعد عندي. وأيضاً فلو قال: أرسلت لسبب فعلكم لا يكون بشارة عظيمة، وأما إذا قال: من رحمته كان غاية البشارة، وأيضاً فلو قال: بما فعلتم لكان ذلك موهماً لنقصان ثوابهم في الآخرة، وأما في حق الكفار فإذا قال: بما فعلتم أنبأ عن نقصان عقابهم وهو كذلك وقال هناك ﴿لعلهم يرجعون﴾ وقال هنا: ﴿ولعلكم تشكرون﴾ فالواو إشارة إلى توفيقهم للشكر في النعم، وعطف على النعم قوله تعالى:
(٧/٣٩٣)
---