وأخرج ابن أبي حاتم عن عليّ بن رياح أنه لما وعظ لقمان ابنه وقال إنها إن تك الآية أخذ حبة من خردل فأتى بها إلى اليرموك فألقاها في عرضه، ثم مكث ما شاء الله تعالى، ثم ذكرها وبسط يده فأقبل بها ذباب حتى وضعها في راحته، وقال بعض المفسرين: المراد بالصخرة: صخرة عليها الثور وهي لا في الأرض ولا في السماء، وقال الزمخشري: فيه إضمار تقديره إن تكن في صخرة أو في موضع آخر في السموات أو في الأرض، وقيل: هذا من تقديم الخاص وتأخير العامّ وهو جائز في مثل هذا التقسيم، وقيل: خفاء الشيء يكون بطرق: منها: أن يكون في غاية الصغر، ومنها: أن يكون بعيداً، ومنها أن يكون في ظلمة، ومنها: أن يكون وراء حجاب فإذا امتنعت هذه الأمور فلا يخفى في العادة فأثبت لله الرؤية والعلم مع انتفاء الشرائط بقوله إن تك مثقال حبة من خردل إشارة إلى الصغر، وقوله فتكن في صخرة إشارة إلى الحجاب وقوله أو في السموات إشارة إلى البعد فإنها أبعد الأبعاد، وقوله أو في الأرض إشارة إلى الظلمات فإن جوف الأرض أظلم الأماكن وقوله ﴿يأت بها الله﴾ أبلغ من قول القائل يعلمها الله لأنّ من يظهر له شيء ولا يقدر على إظهاره لغيره يكون حاله في العلم دون حال من يظهر له الشيء ويظهره لغيره، فقوله يأت بها الله أي: يظهرها للإشهاد يوم القيامة فيحاسب بها عاملها.
﴿إنّ الله﴾ أي: الملك العظيم ﴿لطيف﴾ أي: نافذ القدرة يتوصل علمه إلى كل خفي عالم بكنهه، وعن قتادة لطيف باستخراجها ﴿خبير﴾ أي: عالم ببواطن الأمور فيعلم مستقرها، روي في بعض الكتب أنّ هذه آخر كلمة تكلم بها لقمان فانشقت مرارته من هيبتها فمات.
قال الحسن: معنى الآية هو الإحاطة بالأشياء صغيرها وكبيرها، ولما نبه على إحاطة علمه سبحانه وإقامته للحساب أمره بما يدخره لذلك توسلاً إليه وتخشعاً لديه وهو رأس ما يصلح به العمل ويصحح التوحيد ويصدقه بقوله:
(٧/٤٢٦)
---