فلما بلغ رسول الله ﷺ خبره وأبطأ عليه قال: أما لو جاءني لاستغفرت له، فأما إذ فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه فقال لهم رسول الله ﷺ تنزلون على حكم سعد بن معاذ فرضوا به فقال سعد: حكمت فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم، فكبر النبي ﷺ وقال: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع أرقعة»، ثم استنزلهم وخندق في سوق المدينة خندقاً وقدمهم فضرب أعناقهم من ثمانمائة إلى تسعمائة وقيل كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير ﴿وقذف﴾ أي: الله تعالى ﴿في قلوبهم الرعب﴾ حتى سلموا أنفسهم للقتل وأولادهم ونساءهم للسبي كما قال الله تعالى: ﴿فريقاً تقتلون﴾ وهم الرجال يقال: كانوا ستمائة ﴿وتأسرون فريقاً﴾ وهم النساء والذراري يقال: كانوا سبعمائة وخمسين، ويقال: تسعمائة.e
فإن قيل: ما فائدة تقديم المفعول في الأول حيث قال تعالى: ﴿فريقاً تقتلون﴾ وتأخيره في الثاني حيث قال: ﴿وتأسرون فريقاً﴾ أجيب: بأن الرازي قال: ما من شيء من القرآن إلا وله فائدة، منها ما يظهر ومنها ما لا يظهر، والذي يظهر من هذا والله أعلم؛ أن القائل يبدأ بالأهم فالأهم والأقرب فالأقرب، والرجال كانوا مشهورين، وكان القتل وارداً عليهم، وكان الأسراء هم النساء والذراري ولم يكونوا مشهورين، والسبي والأسر أظهر من القتل لأنه يبقى فيظهر لكل أحد أنه أسير فقدم من المحلين ما اشتهر على الفعل القائم به، ومن الفعلين ما هو أشهر قدمه على المحل الخفي انتهى. وقرأ ابن عامر والكسائي الرعب بضم العين والباقون بسكونها.
ولما ذكر الناطق بقسميه ذكر الصامت بقوله تعالى:
(٨/٣٨)
---