﴿وأورثكم أرضهم﴾ من الحدائق والمزارع ﴿وديارهم﴾ أي: حصونهم لأنه يحامى عليها ما لا يحامى على غيرها ﴿وأموالهم﴾ من النقد والماشية والسلاح والأثاث وغيرها، فقسم رسول الله ﷺ «للفارس ثلاثة أسهم للفرس سهمان ولفارسه سهم»، كما للراجل ممن ليس له فرس سهم. وأخرج منها الخمس وكانت الخيل ستة وثلاثين فرساً، وكان هذا أول فيء وضع فيه السهمان، وجرى على سننه في المغازي واصطفى رسول الله ﷺ من سباياهم ريحانة بنت عمرو بن قريظة.
وكان رسول الله ﷺ يحرص عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فقالت: يا رسول الله تتركني في ملكك فهو أخف علي وعليك فتركها، وكانت حين سباها كرهت الإسلام وأبت إلا اليهودية فعزلها رسول الله ﷺ ووجد في نفسه من أمرها، فبينما هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه فقال: إن هذا لثعلبة ابن شعبة يبشرني بإسلام ريحانة، فجاءه فقال: يا رسول الله قد أسلمت ريحانة فسره ذلك.
روي أن رسول الله ﷺ جعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار فقالت الأنصار في ذلك فقال: إنكم في منازلكم وقال عمر: إنا نخمس كما خمست يوم بدر، قال: لا إنما جعلت هذه طعمة لي دون الناس قال: رضينا بما صنع الله ورسوله.
وأنزل الله تعالى توبة أبي لبابة على رسول الله ﷺ وهو في بيت أم سلمة، فسمعت رسول الله ﷺ يضحك فقالت: مم تضحك يا رسول الله أضحك الله تعالى سنك فقال: تيب على أبي لبابة فقالت: ألا أبشره بذلك يا رسول الله قال: بلى إن شئت، فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقالت: يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله تعالى عليك، فثار الناس إليه ليطلقوه فقال: لا والله حتى يكون رسول الله ﷺ هو الذي يطلقني بيده، فلما مر عليه خارجاً إلى الصبح أطلقه، ومات سعد بن معاذ بعد انقضاء غزوة بني قريظة.
(٨/٣٩)
---