وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: الجاهلية الأولى فيما بين نوح وإدريس عليهما السلام، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل، والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحاً، وفي النساء دمامة وكان نساء السهل صباحاً، وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجالاً من أهل السهل وأجر نفسه منهم فكان يخدمهم، واتخذ شيئاً مثل الذي يزمر به الرعاء، فجاء بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حوله فأتوه وهم يستمعون إليه، واتخذوا عيداً يجتمعون إليه في السنة فيتبرج النساء للرجال ويتزين الرجال لهن، وأن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك فرأى النساء وصباحتهنّ فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك فنحوا إليهم فنزلوا معهم وظهرت الفاحشة بينهم فذلك قوله تعالى ﴿ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى﴾.k
(٨/٥١)
---
وقال قتادة: ما قبل الإسلام وقيل: الجاهلية الأولى ما ذكرنا، والجاهلية الأخرى قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان وقيل: الجاهلية الأولى ما كانوا عليه قبل الإسلام، والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق في الإسلام، ويعضده قوله ﷺ لأبي ذر كما في الصحيحين: «إن فيك جاهلية كفر وإسلام» وقول البيضاوي عن أبي الدرداء، قال ابن حجر: لم أجده عن أبي الدرداء وقيل: قد تذكر الأولى وإن لم تكن لها أخرى كقوله تعالى ﴿وإنه أهلك عاداً الأولى﴾ (النجم: ٥٠)
ولم تكن لها أخرى.
ولما أمرهن بلزوم البيوت للتخلية عن الشوائب أرشدهن إلى التحلية بالرغائب بقوله تعالى:
﴿وأقمن الصلاة﴾ أي: فرضاً ونفلاً صلة لما بينكن وبين الخالق ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ (العنكبوت: ٤٥)
﴿وآتين الزكاة﴾ إحساناً إلى الخلائق وفي هذا بشارة بالفتوح وتوسيع الدنيا عليهن، فإن العيش وقت نزولها كان ضيقاً عن القوت فضلاً عن الزكاة.
(٨/٥٢)
---