وروى عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه: لما حكم أنه لا نبي بعده لم يعطه ولداً ذكراً يصير رجلاً. وقيل: من لا نبي بعده يكون أشفق على أمته وأهدى لهم، إذ هو كالوالد لولد ليس له غيره، والحاصل أنه لا يأتي بعده نبي مطلقاً بشرع جديد ولا يتجدد بعده مطلقاً استنباء، وهذه الآية مثبتة لكونه خاتماً على أبلغ وجه وأعظمه، وذلك أنها في سياق الإنكار بأن يكون بينه وبين أحد من رجالهم بنوة حقيقية أو مجازية، ولو كانت بعده لأحد لم يكن ذلك إلا لولده، ولأن فائدة إثبات النبي تتميم شيء لم يأت به من قبله. وقد حصل به ﷺ التمام، فلم يبق بعد ذلك مرام: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وأما تجديد ما وهي مما أحدث بعض الفسقة فالعلماء كافون فيه لوجود ما خص به ﷺ من هذا القرآن المعجز الذي من سمعه فكأنما سمعه من الله عز وجل؛ لوقوع التحقق والقطع بأنه لا يقدر غيره أن يقول شيئاً منه، فمهما حصل ذهول عن ذلك قرره من يريد الله تعالى من العلماء فيعود الاستبصار، كما روي في بعض الآثار: «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» وأما إتيان عيسى عليه السلام بعد تجديد الهدى لجميع ما وهي من أركان المكارم فلأجل فتنة الدجال ثم طامة يأجوج ومأجوج ونحو ذلك مما لا يستقل بأعبائه غير نبي، وما أحسن قول حسان بن ثابت في مرثية لإبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم
*مضى ابنك محمود العواقب لم يشب ** بعيب ولم يذمم بقول ولا فعل*
*رأى أنه إن عاش ساواك في العلا ** فآثر أن تبقى وحيداً بلا مثل*
(٨/٧٢)
---


الصفحة التالية
Icon