وقال الغزالي في آخر كتابه الاقتصاد: إن الأمة فهمت من هذا اللفظ ومن قرائن أحواله ﷺ أنه أفهم عدم نبي بعده أبداً، وعدم رسول بعده أبداً، وأنه ليس فيه تأويل ولا تخصيص. وقال: إن من أوله بتخصيص النبيين بأولي العزم من الرسل ونحو هذا فكلامه من أنواع الهذيان لا يمنع الحكم بتكفيره؛ لأنه مكذب لهذا النص الذي أجمعت الأمة على أنه غير مؤول ولا مخصوص انتهى.
وقد بان بهذا أن إتيان عيسى عليه السلام غير قادح في هذا النص، فإنه من أمته ﷺ المقررين لشريعته، وهو قد كان نبياً قبله لم يستجد له شيء لم يكن، فلم يكن ذلك قادحاً في الختم. وهو مثبت لشرف نبينا ﷺ إذ لولاه لما وجد، وذلك أنه لم يكن لنبي من الأنبياء شرف إلا وله ﷺ مثله أو أعلى منه، وقد كانت الأنبياء تأتي مقررة لشريعة موسى عليه السلام مجددة لها، فكان المقرر لشريعة نبينا ﷺ المتبع لملته من كان ناسخاً لشريعة موسى ﷺ وقرأ عاصم بفتح التاء والباقون بكسرها، فالفتح: اسم للآلة التي يختم بها كالطابع والقالب لما يطبع به ويقلب فيه، والكسر على أنه اسم فاعل. وقال بعضهم: هو بمعنى المفتوح يعني بمعنى آخرهم لأنه ختم النبيين فهو خاتمهم ﴿وكان الله﴾ أي: الذي له كل صفة كمال أزلاً وأبداً ﴿بكل شيء﴾ من ذلك وغيره ﴿عليماً﴾ فيعلم من يليق بالختم ومن يليق بالبدء.
(٨/٧٣)
---