قال الأستاذ ولي الدين الملوي في كتابه حصن النفوس: في سؤال القبر واختصاصه ﷺ بالأحمدية والمحمدية علماً وصفه برهان على ختمه، إذ الحمد مقرون بانقضاء الأمور مشروع عنده ﴿وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين﴾ وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحكم بنيانه، ترك منه موضع لبنة فطاف به النظار يتعجبون من حسن بنائه إلا موضع تلك اللبنة لا يعيبون بسواها، فكنت أنا موضع تلك اللبنة ختم بي البنيان وختم بي الرسل» وقال عليه الصلاة والسلام: «إن لي أسماء أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي يمحو الله تعالى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الله تعالى الناس على قدمي، وأنا العاقب» والعاقب الذي ليس بعده نبي.
ولما كان ما أثبته لنفسه سبحانه وتعالى من إحاطة العلم مستلزماً للإحاطة بأوصاف الكمال قال تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي: ادعوا ذلك بألسنتهم ﴿اذكروا الله﴾ الذي هو أعظم من كل شيء تصديقاً لدعواكم ذلك ﴿ذكراً كثيراً﴾ قال ابن عباس: لم يفرض الله تعالى على عباده فريضة إلا جعل لها حداً معلوماً، ثم عذر أهلها في حال العذر غير الذكر، فإنه لم يجعل له حداً ينتهي إليه، ولم يعذر أهله في تركه إلا مغلوباً على عقله. وأمرهم به في الأحوال فقال تعالى: ﴿فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم﴾ (النساء: ١٠٣)
وقال تعالى: ﴿اذكروا الله ذكراً كثيراً﴾ أي: بالليل والنهار والبر والبحر والصحة والسقم في السر والعلانية، وقال مجاهد: الذكر الكثير: أن لا ينساه أبداً، فيعم ذلك سائر الأوقات وسائر ما هو أهله من التقديس والتهليل والتمجيد.
(٨/٧٤)
---


الصفحة التالية
Icon