والعظيم والكبير متقاربان.
ولما أمره سبحانه وتعالى بما يسر نهاه عما يضر بقوله تعالى:
﴿ولا تطع الكافرين والمنافقين﴾ أي: لا تترك إبلاغ شيء مما أنزلت إليك من الإنذار وغيره كراهة لشيء من مقالهم وأفعالهم في أمر زينب وغيرها، فإنك نذير لهم، وزاد على ما في أول السورة محط الفائدة في قوله مصرحاً بما اقتضاه ما قبله ﴿ودع﴾ أي: اترك على حالة حسنة لك وأمر جميل بك ﴿أذاهم﴾ فلا تحسب له حساباً أصلاً، واصبر عليه فإن الله تعالى دافع عنك لأنك داع بإذنه ﴿وتوكل على الله﴾ أي: الملك الأعلى ﴿وكفى بالله﴾ أي: الذي له الإحاطة الكاملة ﴿وكيلاً﴾ أي: حافظاً. قال البغوي: وهذا منسوخ بآية القتال.
ولما بدأ الله تعالى بتأديب النبي ﷺ بذكر ما يتعلق بجانب الله تعالى بقوله تعالى: ﴿يا أيها النبي اتق الله﴾ وثنى بما يتعلق بجانب من هو تحت يده من أزواجه الشريفات بقوله تعالى: بعده: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك﴾ وثلث بما يتعلق بذكر العامة بقوله تعالى: ﴿يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً﴾ وكان تعالى كلما ذكر لنبيه مكرمة وعلمه أدباً ذكر للمؤمنين ما يناسبه، فلذلك بدأ في إرشاد المؤمنين بجانب الله تعالى فقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً﴾ ثم ثنى بما يتعلق بجانب من تحت أيديهم بقوله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات﴾ أي: عقدتم على الموصوفات بهذا الوصف الشريف المقتضى لغاية الرغبة فيهن، وأتم الوصلة بينكم وبينهن ثم كما ثلث في تأديب النبي ﷺ بجانب الأمة ثلث في حق المؤمنين بما يتعلق بهم فقال بعد هذا: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي﴾ (الأحزاب: ٥٣)
﴿يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً﴾ (الأحزاب: ٥٦)
(٨/٨٠)
---