فإن قيل: إذا كان هذا إرشاداً بما يتعلق بجانب منه ومن خواص المرأة فلم خص المطلقات اللاتي طلقن قبل المسيس بقوله تعالى: ﴿ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن﴾ أي: تجامعوهن، أطلق المس على الجماع؛ لأنه طريق له كما سمى الخمر إثماً؛ لأنها سببه؟ أجيب: بأن هذا إرشاد إلى أعلى درجات المكرمات ليعلم منها ما دونها.l
وبيانه: أن المرأة إذا طلقت قبل المسيس لم يحصل بينهما تأكيد العهد، ولهذا قال تعالى في حق الممسوسة: ﴿وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً﴾ (النساء: ٢١)
فإذا أمر الله تعالى بالتمتع والإحسان مع من لا مودة بينه وبينها فما ظنك بما حصلت المودة بالنسبة إليها بالإفضاء، أو حصل تأكدها بحصول الولد بينهما، وهذا كقوله تعالى: ﴿فلا تقل لهما أف﴾ (الإسراء: ٢٣)
ولو قال: لا تضر بهما ولا تشتمهما ظن أنه حرام لمعنى يختص بالضرب أو الشتم لهما، فأما إذا قال: ﴿لا تقل لهما أف﴾ لعلم منه معان كثيرة فكذلك ههنا أمر بالإحسان مع من لا مودة معها، فعلم منه الإحسان إلى الممسوسة، ومن لم تطلق بعد، ومن ولدت عنده منه، وقرأ حمزة والكسائي بضم التاء وألف بعد الميم، والباقون بفتح التاء ولا ألف بعد الميم.
(٨/٨١)
---


الصفحة التالية
Icon