وأما الاستقبال فعلى الأصل ﴿وأسروا﴾ أي: الفريقان ﴿الندامة﴾ من المستكبرين والمستضعفين وهم الظالمون في قوله تعالى ﴿إذا الظالمون موقوفون﴾ (سبأ: ٣١)
يندم المستكبرون على ضلالهم وإضلالهم والمستضعفون على ضلالهم واتباعهم المضلين ﴿لما﴾ أي: حين ﴿رأوا العذاب﴾ أي: حين رؤية العذاب أخفاها كل عن رفيقه مخافة التعبير.
وقيل: معنى الإسرار والإظهار وهو من الأضداد أي: أظهروا الندامة قال ابن عادل: ويحتمل أن يقال: إنهم لما تراجعوا في القول رجعوا إلى الله تعالى بقولهم ﴿أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً﴾ (السجدة: ١٢)
وأجيبوا: بأن لامرد لكم فأسروا ذلك القول وقوله تعالى ﴿وجعلنا الأغلال﴾ أي: الجوامع التي تغل اليد إلى العنق ﴿في أعناق الذين كفروا﴾ يعم الأتباع والمتبوعين جميعاً، وكان الأصل في أعناقهم ولكن جاء بالظاهر تنويهاً بذمهم وللدلالة على ما استحقوا به الأغلال وهذه إشارة إلى كيفية عذابهم ﴿هل يجزون﴾ أي: بهذه الأغلال ﴿إلا ما﴾ أي: إلا جزاء ما ﴿كانوا يعملون﴾ أي: على سبيل التجديد والاستمرار.k
ولما كان في هذا تسلية أخروية للنبي ﷺ أتبعه التسلية الدنيوية بقوله تعالى:
﴿وما أرسلنا﴾ أي: بعظمتنا ﴿في قرية﴾ وأكد النفي بقوله تعالى: ﴿من نذير إلا قال مترفوها﴾ رؤساؤها الذين لا شغل لهم إلا التنعم بالفاني حتى أكسبهم البغي والطغيان ولذلك قالوا لرسلهم: ﴿إنا بما أرسلتم به﴾ أي: أيها المنذرون ﴿كافرون﴾ أي: وإذا قال المتنعمون ذلك تبعهم المستضعفون.
(٩/٥٥)
---


الصفحة التالية
Icon