﴿أفمن زين له سوء عمله﴾ أي: قبحه الذي من شأنه أن يسوء صاحبه حالاً أو مآلاً بأن غلب وهمه وهواه على عقله ﴿فرآه﴾ أي: السيء بسبب التزيين ﴿حسناً﴾ أي: عملاً صالحاً ﴿فإن﴾ أي: السبب في رؤية الأشياء على غير ما هي عليه أن ﴿الله﴾ أي: الذي له الأمر كله ﴿يضل من يشاء﴾ فلا يرى شيئاً على ما هو به فيقدم على الهلاك البيِّن وهو يراه عين النجاة ﴿ويهدي من يشاء﴾ فلا يشكل عليه أمر ولا يفعل إلا حسناً.
تنبيه: من موصول مبتدأ وما بعده صلته، والخبر محذوف، واختلف في تقديره فقدره الكسائي: تذهب نفسك عليهم حسرات لدلالة قوله تعالى تسلية لرسوله ﷺ حيث حزن على إصرارهم بعد إتيانه بكل آية ظاهرة وحجة قاهرة ﴿فلا تذهب نفسك عليهم﴾ أي: المزيّن لهم ﴿حسرات﴾ أي: لأجل حسراتك المترادفة لأجل إعراضهم، جمع حسرة وهي شدة الحزن على ما فات من الأمر، وقدره الزجاج وأضله الله كمن هداه، وقدره غيرهما كمن لم يزين له، وهو أحسن لموافقته لفظاً ومعنى، ونظيره ﴿أفمن كان على بينة من ربه﴾ (هود: ١٧)
أي: كمن هو أعمى ﴿أفمن يعلم إنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى﴾ (الرعد: ١٩)
وقال سعيد بن جبير: نزلت هذه الآية في أصحاب الأهواء والبدع قال قتادة: منهم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم، فأما أهل الكتاب فليسوا منهم؛ لأنهم لا يستحلون الكبائر ﴿إن الله﴾ أي: المحيط بجميع صفات الكمال ﴿عليم﴾ أي: بالغ العلم ﴿بما يصنعون﴾ فيجازيهم عليه.
ثم عاد تعالى إلى البيان بقوله سبحانه:
(٩/٨٣)
---