﴿قل﴾ أي: لهم ﴿أرأيتم﴾ أي: أخبروني ﴿شركاءكم﴾ أضافهم إليهم؛ لأنهم وإن كانوا جعلوهم شركاءه لم ينالوا شيئاً من شركته؛ لأنهم ما نقصوه شيئاً من ملكه وإنما شاركوا العابدين في أموالهم بالسوائب وغيرها وفي أعمالهم فهم شركاؤهم بالحقيقة لا شركاؤه، ثم بين المراد من عدّهم لهم شركاء بقوله تعالى: ﴿الذين تدعون﴾ أي: تعبدون ﴿من دون الله﴾ أي: غيره وهم الأصنام الذين زعمتم أنهم شركاء الله تعالى ﴿أروني﴾ أي: أخبروني ﴿ماذا﴾ أي: الذي أو أي شيء ﴿خلقوا من الأرض﴾ أي: لتصح لكم دعوى الشركة فيهم وإلا فادعاؤكم ذلك فيهم كذب محض وإنكم تدعون أنكم أبعد الناس منه في الأمور الهينة فكيف بمثل هذا ﴿أم لهم شرك﴾ أي: شركة مع الله تعالى وإن قلت ﴿في السموات﴾ أي: أروني ماذا خلقوا لكم من السموات فالآية من الاحتباك حذف أولاً الاستفهام عن الشركة في الأرض لدلالة مثله في السماء ثانياً عليه، وحذف الأمر بالإراءة ثانياً له لدلالة مثله أولاً عليه.
﴿أم آتيناهم كتاباً﴾ ينطق على أنا اتخذنا شركاء ﴿فهم﴾ الأحسن في هذا الضمير أن يعود على الشركاء لتناسق الضمائر، وقيل: يعود على المشركين قاله مقاتل فيكون التفاتاً من خطاب إلى غيبة ﴿على بينة﴾ أي: حجة ﴿منه﴾ بأن لهم معي شركة، ولما كان التقدير لا شيء لهم من ذلك قال تعالى منبهاً على ذميم أحوالهم وسفه آرائهم وخسة هممهم ونقصان عقولهم ﴿بل إن﴾ أي: ما ﴿يعد الظالمون﴾ أي: الواضعون الأشياء في غير موضعها ﴿بعضهم بعضاً﴾ أي: الاتباع للمتبوعين بأن شركاءهم تقربهم إلى الله تعالى زلفى، وأنها تشفع وتضر وتنفع ﴿إلا غروراً﴾ أي: باطلاً.
ولما بين تعالى حقارة الأصنام بين عظمته سبحانه بقوله تعالى:
(٩/١٢٣)
---