وقيل: أن ابنة الملك كانت قد توفيت ودفنت فقال شمعون للملك: اطلب من هذين الرجلين أن يحييا ابنتك فطلب الملك منهما ذلك فقاما وصليا ودعوا الله تعالى وشمعون معهما في السر فأحيا الله تعالى المرأة، ثم انشق القبر عنها فخرجت وقالت: أسلموا فإنهما صادقان قالت: ولا أظنكم تسلمون ثم طلبت من الرسولين أن يرداها إلى مكانها فذرا تراباً على رأسها فعادت إلى قبرها كما كانت، وقال ابن إسحاق عن كعب ووهب: بل كفر واجتمع هو وقومه على قتل الرسل فبلغ ذلك حبيباً وهو على باب المدينة بالأقصى، فجاء يسعى إليهم يذكرهم ويدعوهم إلى طاعة المرسلين.
﴿قالوا﴾ أي: أهل القرية للرسل ﴿ما أنتم﴾ أي: وإن زاد عددكم ﴿إلا بشر مثلنا﴾ لا مزية لكم علينا فما وجه الخصوصية لكم في كونكم رسلاً دوننا، فجعلوا كونهم بشراً مثلهم دليلاً على عدم الإرسال، وهذا عام في المشركين قالوا في حق محمد ﷺ ﴿أأنزل عليه الذكر من بيننا﴾ (ص: ٨)
وقد استوينا في البشرية فلا يمكن الرجحان، فرد الله عليهم بقوله سبحانه ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالاته﴾ (الجن: ٢٣)
وبقوله تعالى: ﴿الله يجتبي إليه من يشاء﴾ (الشورى: ١٣)
إلى غير ذلك.
تنبيه: رفع بشر لانتقاض النفي المقتضي إعمال ما بإلا ثم قالوا ﴿وما أنزل الرحمن﴾ أي: العام الرحمة، فعموم رحمته مع استوائنا في عبوديته يقتضي أن يسوي بيننا في الرحمة فلا يخصكم بشيء دوننا، وأغرقوا في النفي بقولهم ﴿من شيء﴾ أي: وحي ورسالة ﴿إن﴾ أي: ما ﴿أنتم إلا تكذبون﴾ أي: في دعوى رسالة حالاً ومآلاً.
﴿قالوا﴾ أي: الرسل ﴿ربنا﴾ أي: الذي أحسن إلينا ﴿يعلم﴾ أي: ولهذا يظهر على أيدينا الآيات ﴿إنا إليكم لمرسلون﴾ استشهدوا بعلم الله تعالى وهو يجري مجرى القسم، وزادوا اللام المؤكدة؛ لأنه جواب عن إنكارهم.
(٩/١٤٦)
---