﴿ما ينظرون﴾ أي: ينتظرون ﴿إلا صيحة﴾ وبين حقارة شأنهم وتمام قدرته بقوله عز وجل ﴿واحدة﴾ وهي نفخة إسرافيل عليه السلام الأولى المميتة ﴿تأخذهم﴾ وقوله تعالى ﴿وهم يخصمون﴾ قرأه حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد من خصم يخصم والمعنى: يخصم بعضهم بعضاً فالمفعول محذوف، وأبو عمرو وقالون بإخفاء فتحة الخاء وتشديد الصاد، ونافع وابن كثير وهشام كذلك إلا أنهم باختلاس فتحة الخاء، والباقون بكسر الخاء وتشديد الصاد، والأصل في القراءات الثلاث يختصمون فأدغمت التاء في الصاد فنافع وابن كثير وهشام نقلوا فتحها إلى الساكن قبلها نقلاً كاملاً، وأبو عمرو وقالون اختلسا حركتها تنبيهاً على أن الخاء أصلها السكون، والباقون حذفوا حركتها فالتقى ساكنان لذلك فكسروا أولهما فهذه أربع قراءات.
ولما كانت هذه هي النفخة المميتة تسبب عنها قوله تعالى:
﴿فلا يستطيعون توصية﴾ أي: يوجدون الوصية في شيء من الأشياء ﴿ولا إلى أهلهم﴾ أي: فضلاً عن غيرهم ﴿يرجعون﴾ أي: فيروا حالهم بل يموت كل واحد في مكانه حيث تفجؤه الصيحة وربما أفهم التعبير بإلى أنهم يريدون الرجوع فيخطون خطوة أو نحوها، وفي الحديث: «لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد رفع الرجل أكلته إلى فيه فلا يطعمها». ولما دل ذلك على الموت قطعاً عقبه بالبعث بقوله تعالى:
(٩/١٧٢)
---