(١/٣٥)
---
العرف اسم لكل ما ينتفع به حتى الولد والرقيق، والمعتزلة لما استحالوا من الله أن يمكن من الحرام لأنه تعالى منع من الانتفاع به وأمر بالزجر عنه، قالوا: الرزق لا يتناول الحرام ألا ترى أنه تعالى أسند الرزق ههنا إلى نفسه إيذاناً بأنهم ينفقون الحلال الصرف الطيب وأن إنفاق الحرام لا يوجب المدح وذم المشركين على تحريم بعض ما رزقهم الله تعالى بقوله تعالى: ﴿قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً﴾ (يونس، ٥٩) وأجاب أهل السنة عما ذكر بأن الإسناد التعظيم والتحريض على الإنفاق والذم بتحريم ما لم يحرم واختصاص ما رزقهم بالحلال للقرينة وتمسكوا لشمول الرزق له بما رواه ابن ماجة وغيره من حديث صفوان بن أمية قال: كنا عند رسول الله ﷺ فجاءه عمرو بن قرّة فقال: يا رسول الله إن الله قد كتب عليّ الشقوة فلا أراني أرزق إلا من دفّي بكفي فأذن لي في الغناء من غير فاحشة فقال: لا آذن لك ولا كرامة، كذبت أي عدوّ الله لقد رزقك الله حلالاً طيباً فاخترت ما حرّم الله عليك من رزقه مكان ما أحلّ الله لك من حلاله» وبأنه لو لم يكن رزقاً لم يكن المتغذي به طول عمره مرزوقاً وليس كذلك لقوله تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها﴾ (هود، ٦).
تنبيه: تقديم رزقناهم على ينفقون للاهتمام به وللمحافظة على رؤوس الآي وإدخال من التبعيضية عليه للكف عن الإسراف المنهي عنه في حق من لم يصبر على الإضاقة وإلا فليس بإسراف فقد تصدّق أبو بكر رضي الله عنه بجميع ماله ولم ينكر عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم
(١/٣٦)
---
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أولئك عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وأولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ]