تنبيه: احتج أهل السنة بأن هذه الآية تدل على أنه تعالى خلق كل ما بين السماء والأرض وأعمال العباد مما بين السماء والأرض فوجب أن يكون تعالى خالقاً لها، ودلت على صحة القول بالحشر والنشر لأنه تعالى لما خلق الخلق في هذا العالم فإما أن يكون خلقهم للإضرار والانتفاع أو لا لشيء، والأول باطل لأن ذلك لا يليق بالرحيم الكريم، والثالث أيضاً باطل، لأن هذه الحالة حاصلة خالصة حين كانوا معدومين فلم يبق إلا أن يقال: خلقهم للانتفاع وذلك الانتفاع إما أن يكون في حياة الدنيا أو في حياة الآخرة. والأول باطل لأن منافع الدنيا قليلة ومضارها كثيرة وتحمل الضرر الكثير لوجدان المنفعة القليلة لا يليق بالحكمة، ولما بطل هذا القول ثبت القول بوجود حياة بعد هذه الحياة الدنيا وذلك هو القول بالحشر والنشر والقيامة.
تنبيه: يجوز في باطلاً أن يكون نعتاً لمصدر محذوف أو حالاً من ضميره أي: خلقاً باطلاً وأن يكون حالاً من فاعل خلقنا أي: مبطلين أو ذوي باطل وأن يكون مفعولاً من أجله أي: للباطل وهو العبث ﴿ذلك﴾ أي: خلق ما ذكر لا لشيء ﴿ظن الذين كفروا﴾ أي: أهل مكة هم الذين ظنوا أنهما خلقا لغير شيء وأنه لا بعث ولا حساب ﴿فويل﴾ أي: هلاك عظيم بسبب هذا الظن أو واد في جهنم ﴿للذين كفروا﴾ أي: مطلقاً بهذا الظن وغيره من أي شرك كان ﴿من النار﴾ لأن من أنكر الحشر والنشر كان شاكاً في حكمة الله تعالى في خلق السموات والأرض.
ونزل لما قال كفار مكة للمؤمنين إنا نعطى في الآخرة مثل ما تعطون.
(٩/٢٩٩)
---