﴿قالوا﴾ أي: الأتباع ﴿بل أنتم لا مرحباً بكم﴾ أي: إن الدعاء الذي دعوتم به علينا أيها الرؤساء أنتم أحق به منا وعللوا ذلك بقولهم ﴿أنتم قدمتموه﴾ أي: الكفر ﴿لنا﴾ أي: بدأتم به قبلنا وشرعتموه وسننتموه لنا، وقيل: أنتم قدمتم هذا العذاب لنا بدعائكم إيانا إلى الكفر ﴿فبئس القرار﴾ أي: النار لنا ولكم.
﴿قالوا﴾ أي: الأتباع أيضاً ﴿ربنا من قدم لنا هذا﴾ أي: شرعه وسنه لنا ﴿فزده عذاباً ضعفاً﴾ أي: مثل عذابه على كفره ﴿في النار﴾ قال ابن مسعود: يعني حيات وأفاعي.
(٩/٣٢٩)
---
﴿وقالوا﴾ أي: الطاغون وهم في النار ﴿ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار﴾ يعنون فقراء المؤمنين كعمار وخباب وصهيب وبلال وسلمان الذين كانوا يسترذلونهم ويسخرون بهم وقولهم:
(٩/٣٣٠)
---
﴿أتخذناهم سخرياً﴾ صفة أخرى ل ﴿رجالاً﴾ أي: كنا نسخر بهم في الدنيا، وقرأ نافع وحمزة والكسائي بضم السين والباقون بكسرها ﴿أم زاغت﴾ أي: مالت ﴿عنهم الأبصار﴾ أي: فلم نرهم حين دخلوها وقال ابن كيسان: أي: أم كانوا خيراً منا ونحن لا نعلم فكانت أبصارنا تزيغ عنهم في الدنيا فلا نعدهم شيئاً.
﴿إن ذلك﴾ أي: الذي حكيناه عنهم ﴿لحق﴾ أي: واجب وقوعه فلا بد أن يتكلموا به ثم بين ذلك الذي حكاه عنهم بقوله تعالى: ﴿تخاصم أهل النار﴾ أي: في النار وإنما سماه تخاصماً لأن قول القادة للأتباع: لا مرحباً بهم، وقول الأتباع للقادة: بل أنتم لا مرحباً بكم من باب الخصومة.
تنبيه: يصح في تخاصم أوجه من الإعراب أحدها: أنه بدل من لحق، الثاني: أنه عطف بيان، الثالث: أنه خبر ثان لأن، الرابع: أنه خبر مبتدأ مضمر أي: هو تخاصم.
ولما شرح سبحانه نعيم أهل الثواب وعقاب أهل العذاب عاد إلى تقرير التوحيد والنبوة والبعث المذكورات أول السورة بقوله تعالى: